الجزائر مهمات الثورة ومخاطر تداعيات الدولة "الجزء الثاني"
الخميس مايو 07, 2009 11:14 pm
ومن ثمار انتصارات تلك المعارك واتساع المقاومة المسلحة ، تهيئة الفرصة لهروب المناضل مصطفى بن بولعيد وبصحبة أحد عشر مناضلاً من سجن قسطنطينية ، وبالتحاقهم بالثورة ، عزز مكانة قيادتها ورفد قدرتها من ملاكات مجربة .
وخلال سنة من بدأ انتفاضة "20/اب /1955 ، اتسعت رقعة الثورة ، بعد ان افتتحت جبهة وهران الحربية ، وخلق البؤر للثورة في كل المدن والبوادي والقصبات الجزائرية ، استجدت مهمات تطلبت عقد مؤتمر لوضع برنامج جديد يتلائم وطبيعة المعارك ، ولتقويم مسار الثورة لاستخلاص العبر والدروس ولمواصلة الكفاح باسلوب ونهج جديدين .. ، فكان مؤتمر الصومام .
عقد هذا المؤتمر في وادي الصومام بالجزائر في "14-23 / اب / 1956 في دوار اوزلاغن بحضور ومشاركة فعلية لـ "250 " مائتين وخمسين مندوباً ، يمثلون منظمات الجبهة في مختلف انحاء الوطن الجزائري ، وقام بحراسة مكان المؤتمر قوة كبيرة من جيش التحرير ، وانتهت اعماله في العشرين من نفس الشهر "20/8/1956 " اقر المؤتمر خطة الجبهة السياسية وهيكليتها التنظيمية ووضع اسس وحدة جيش التحرير وانظمته وخططه العسكرية . وقرر المؤتمرون الاعتراف بجبهة التحرير الوطني كممثل وحيد الشعب الجزائري ، وله وحده الحق في اجراء مفاوضات والتكلم باسمه ، كما حدد المؤتمرون شكل وطبيعة الحكومة القادمة بعد اعلان الاستقلال ، والتي يجب ان يعينها المجلس الوطني المنتخب انتخاباً حراً عاماً ومباشراً وبالاقتراع السري ، كما قرر تنظيم السلطة في المناطق المحررة . كما طرحت على المؤتمر لائحة الاصلاح الزراعي وتوزيع اراضي الاقطاعين والخونة بالمجان على الفلاحين ، وبالخصوص الذين يشاركون في الثورة من مجاهدين وفدائيين .
واذا ما جرى اعتقال القادة اعضاء المجلس الوطني غداة انفضاض اعمال مؤتمر الصومام ، اذ نفذت السلطات الفرنسية عملية قرصنة جوية في "22/ تشرين الاول / 1956 ، بالسيطرة على الطائرة الملكية المغربية ، التي تقل كل من " بن بلة ، ورابح بيباط ، ومحمد بوضياف ، ومحمد خيضر ، وحسين آيت احمد " وقد صورت وسائل الاعلام الاستعمارية الفرنسية ان تلك العملية ، تعني القضاء كلية على الثورة ، وان رأس الافعى قد قضم .. " لكن الثورة واصلت انتصاراتها رغم تلك الخسارة ، فبالاضافة الى التحاق اعداد من الشبيبة في صفوف المجاهدين ، تهيأت الظروف لهروب المناضل مصطفى بن بولعيد ومجموعة من رفاقه من السجن ، والتحاقه فوراً بمهمته الثورية ، وفق ما مقرر ..
اعترف بالثورة وبجبهة التحرير الوطني الجزائرية عربياً ودولياً ، فاعترفت المغرب وتونس بجبهة التحرير الوطني الجزائرية كونها الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجزائري .. وجرى عرض القضية الجزائرية على اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في "4/شباط /1957 " ، الا ان ممثل فرنسا في الجمعية قال معترضاً : لايوجد من يمثل الشعب الجزائري من نبحث القضية معه .. وطرح ممثل الولايات المتحدة الاميريكية مشروع الرئيس "ايزنهاور " بملء الفراغ مجدداً ، ومختصر مضمونه "اقامة دويلة على جزء من الجزائر تحت وصاية فرنسا وفي كنف اطار الحلف الاطلسي وتنصيب احد العملاء " مصالي الحاج " رئيساً لها .."
مؤتمر طنجة وقراراته الثلاثة الايجابية :- عقد في ولاية طنجة المغربية مؤتمر يضم حزب الاستقلال ، وحزب الدستور التونسي الجديد ، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، واتخذت القرارات التالية :-
1. استنكار الحرب العدوانية الرامية الى تكريس السيطرة والاحتلال الفرنسي على الجزائر ، ودعوة الدول الغربية والولايات المتحدة الاميريكية بالكف عن تقديم المساعدات الى الجيوش الفرنسية المعتدية ، والاعتراف بحق الشعب الجزائري في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيره بنفسه .
2. الاعتراف بجبهة التحرير الوطني الجزائرية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الجزائري ، الدعوة الى المطالبة بجلاء الجيوش الاجنبية عن تراب القطرين العربين " تونس والمغرب "
3. تأليف منظمة فيدرالية تجمع الاقطار المغربية الثلاثة وهي :
أ- المجلس الاستشاري المغربي . ب- المجلس الوطني التونسي . ج- المجلس الوطني للثورة الجزائرية " وهذه المنظمة بمثابة برلمان " .
كان لاجتماع طنجة وقراراته اهمية ، لابالنسبة الى الثورة الجزائرية التحريرية ، فحسب ، بل وبالنسبة الى حركات التحرر الوطني في المغرب العربي عامة .. ، حيث تبلورت فكرة وحدة المغرب العربي ، كخطوة هامة على طريق الوحدة العربية ..
جاءت قرارات مؤتمر طنجة ، معبرة عن روح ومبادئ مؤتمر باندونغ ، والتي نصت على تصفية الاستعمار ، وتعزيز السلم والتعايش السلمي العالمي ، كما جاءت مقررات مؤتمر طنجة معبرة عن اماني وتطلعات الشعب الجزائري وقواه المسلحة ، وخطوة هامة على طريق تحقيق النصر ونيل الاستقلال الوطني ..
وعندما تولى الجنرال "ديغول السلطة في "28/مايس /1958 ومناداته في الاول من حزيران من ذلك العام بنهاية الجمهورية الرابعة ، معلناً تأسيس الجمهورية الخامسة وشكل الحكم الرئاسي وبهذا التوجه اتبع الجنرال ديغول نهجاً بتوجهين ، هما ، بوعوده باحلال السلم في الجزائر استجابة لرغبة الشعب الفرنسي آنئذ .. ، وقد وعد :انه خلال ثلاثة اشهر من حزيران عام 1958 ، مؤكداً وعده هذا في كانون الاول من نفس السنة بقوله :- لقد طويت صفحة المعارك منذ الان " .
أما التوجه الاخر ، فهو :" متابعة حربه العدوانية ضد الشعب الجزائري ، استجابة ومراعاة لرغبات غلاة المستعمرين والعناصر الفاشية في فرنسا والجزائر ..، والتي عبرت عنها المظاهرات الكبرى التي قامت احتجاجا على وعد تقدم به رئيس الوزراء " بيار فليملان " وعرضه على المجلس الوطني الفرنسي ، بأمكانية التفاوض مع ممثلي الثورة الجزائرية ،واعدا بتغير القانون الاساسي لادارة الجزائر ، واعلان العفو العام ، لكن ذلك الوعد وتلك التوجهات اجهضت في مهدها ، حيث غلاة المستعمرين الفرنسين والرجعين والعملاء الجزائرين ، وايدهم الجيش الفرنسي وجنرالاته الفاشين وقد شكلت لجنة وعلى رأسها القائد العسكري الجنرال " أصلان " ، بهدف متابعة الحرب في الجزائر .. وقد استجاب الجنرال ديغول لشعارات المظاهرات التي قامت به هذه العناصر الفاشية تحت شعار : الجزائر فرنسية .." وعند وصول المظاهرات محل اقامته عند زيارته للجزائر يوم " 4/ حزيران ، خرج إلى شرفة البناية وحياهم بقوله ".. انني فهمتكم.." ونادى في بلدة " مستغانم بشعار – تحيا الجزائر فرنسية " وصرح في " 6/حزيران / بمدينة وهران بقوله " يجب على الجزائر ان تبقى ارضا فرنسية والى الابد " ، ثم قال " انه لايريد مشاهدة سوى فرنسيين بنصيب تام في الجزائر " ونادى بمناسبات اخرى بقوله " من دونكرك إلى تمنراست ، الكل فرنسيون متساون .."1"
وعلى الرغم من سياسة ديغول التساومية ، وتقلباته ، فأن نضال الشعب الجزائري ومقاومته المسلحة الباسلة وخطط قيادته السياسية " جبهة التحرير الوطني " كانت ابلغ الردود على تلك التخرصات الامبريالية ، وفي يوم " 19/أيلول/ 1958 " شكلت الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية " فرحات عباس " وحظيت بأعتراف العديد من دول العالم وأكثرية الدول العربية ، ونشر اول تصريح لرئيس الحكومة المؤقتة في القاهرة يوم " 26/9/1958 " قائلا :" استعداد قيادة الثورة الجزائرية لحل القضية الجزائرية بالطرق السلمية متى ماشاءت الحكومة الفرنسية ، غير ان المقاومة المسلحة الجزائرية لن تلق سلاحها، الالحكومة وطنية جزائرية معترف بها وبحقها وسلطاتها الكاملة والمطلقة في السيادة الوطنية .."
وقد رد الجنرال " ديغول على تأليف الحكومة الجزائرية المؤقتة اعلانه رسميا ، بعدم الاعتراف لابجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، ولابجيشها ، ولابالحكومة الموقته للجمهورية الجزائرية .. واكد قوله ".. ان فرنسا لن تعترف بهولاء الذين تولاهم الغرور ، ويحاولون فرض ارادتهم ودكتاتوريتهم بالقوة ، وانها لن ترفض قطعا بالتعامل معهم وبمقاومتهم في أمر الجزائر .."
ومهما امعن الجنرال " ديغول " وجنرالات جيوشه المحتلة ، ومهما جاء بمشاريع قوانين دستورية ، فالشعب الجزائري اختار طريق النضال التحرري ، ولم ولا ولن يصبح فرنسا بهذه القوانين وبالانتخابات وبتطبيقها ..
الثورة الجزائرية متواصلة وقيادتها الثورية وبحرصها على تنفيذ مقررات مؤتمراتها تحرز النصر تلو الاخر .. كما ان القوى التقدمية ، والتي لم تحل نفسها وبقيت ضمن اطارها التنظيمي ونقصد بها الحزب الشيوعي الجزائري ، ومع كل ماقيل من تقويم لاموضوعي لمجمل خطه السياسي ، فمواقفه من الاحداث معلنه وعلى وفق موضوعه " لنا اخطاؤنا وعليهم خياناتهم .. " قد اصدر بيانه ردا على سياسة ديغول بما يلي " ان شعبنا اشهر السلاح بأسم الدفاع عن كيانه كأمة ولن يسمح لمضطهديه الاجانب ان يسنوا القوانين بأسمه ، وسوف لن تكون الانتخابات سوى مهازل غربية ، وان الحزب الشيوعي الجزائري يشهر بها ويفضحها امام الرأي العام العالمي ، لايضمر الشعب الجزائري أي نوع من الكراهية للشعب الفرنسي رغم ما يلاقيه من اعمال القمع والتعذيب الرهيبة ، غير انه لايقبل ان يكون فرنسيا ". هذا هو موقف الحزب الشيوعي الجزائري ، وعلى الرغم من كونه لم يقطع حبل السرة مع الحزب الشيوعي الفرنسي ، الذي يعطي لمصالح دولته وقضايا قوميته الاهتمام الاول ..وقياسا بمواقف من يدعي الشيوعية هنا وهناك ، حيث تخندق قيادات شيوعية معلومة بمخطط عدوانية استهدفت العراق والامة العربية ، فشتان بين الموقفين ..
وعلى الرغم من سياسة القمع والارهاب والقوات العسكرية الفرنسية التي تجثم على صدور المواطنين والتي قدر عددها بـ "500.000 " جندي في سنة 1959 أعلن الجنرال ديغول في خطابه بتاريخ 16 / أيلول / 1959 ، وفيما يتعلق بالقضية الجزائرية بما يلي : " ان الوقت ، الذي يتاح فيه للرجال وللنساء في الجزائر ان يقرروا مصيرهم في حرية تامة ليس ببعيد " ثم قال : " واعتمادا على رغبة الجزائرين وعلى مصالح فرنسا ، وعلى ما ينظره العالم في الجزائر لانهاء هذه المشكلة ، اقرر ان تقرير مصير هذا البلد اصبح ضرورة " ، اما الوضع الذي سيختاره الجزائريون حسب هذا
وخلال سنة من بدأ انتفاضة "20/اب /1955 ، اتسعت رقعة الثورة ، بعد ان افتتحت جبهة وهران الحربية ، وخلق البؤر للثورة في كل المدن والبوادي والقصبات الجزائرية ، استجدت مهمات تطلبت عقد مؤتمر لوضع برنامج جديد يتلائم وطبيعة المعارك ، ولتقويم مسار الثورة لاستخلاص العبر والدروس ولمواصلة الكفاح باسلوب ونهج جديدين .. ، فكان مؤتمر الصومام .
عقد هذا المؤتمر في وادي الصومام بالجزائر في "14-23 / اب / 1956 في دوار اوزلاغن بحضور ومشاركة فعلية لـ "250 " مائتين وخمسين مندوباً ، يمثلون منظمات الجبهة في مختلف انحاء الوطن الجزائري ، وقام بحراسة مكان المؤتمر قوة كبيرة من جيش التحرير ، وانتهت اعماله في العشرين من نفس الشهر "20/8/1956 " اقر المؤتمر خطة الجبهة السياسية وهيكليتها التنظيمية ووضع اسس وحدة جيش التحرير وانظمته وخططه العسكرية . وقرر المؤتمرون الاعتراف بجبهة التحرير الوطني كممثل وحيد الشعب الجزائري ، وله وحده الحق في اجراء مفاوضات والتكلم باسمه ، كما حدد المؤتمرون شكل وطبيعة الحكومة القادمة بعد اعلان الاستقلال ، والتي يجب ان يعينها المجلس الوطني المنتخب انتخاباً حراً عاماً ومباشراً وبالاقتراع السري ، كما قرر تنظيم السلطة في المناطق المحررة . كما طرحت على المؤتمر لائحة الاصلاح الزراعي وتوزيع اراضي الاقطاعين والخونة بالمجان على الفلاحين ، وبالخصوص الذين يشاركون في الثورة من مجاهدين وفدائيين .
واذا ما جرى اعتقال القادة اعضاء المجلس الوطني غداة انفضاض اعمال مؤتمر الصومام ، اذ نفذت السلطات الفرنسية عملية قرصنة جوية في "22/ تشرين الاول / 1956 ، بالسيطرة على الطائرة الملكية المغربية ، التي تقل كل من " بن بلة ، ورابح بيباط ، ومحمد بوضياف ، ومحمد خيضر ، وحسين آيت احمد " وقد صورت وسائل الاعلام الاستعمارية الفرنسية ان تلك العملية ، تعني القضاء كلية على الثورة ، وان رأس الافعى قد قضم .. " لكن الثورة واصلت انتصاراتها رغم تلك الخسارة ، فبالاضافة الى التحاق اعداد من الشبيبة في صفوف المجاهدين ، تهيأت الظروف لهروب المناضل مصطفى بن بولعيد ومجموعة من رفاقه من السجن ، والتحاقه فوراً بمهمته الثورية ، وفق ما مقرر ..
اعترف بالثورة وبجبهة التحرير الوطني الجزائرية عربياً ودولياً ، فاعترفت المغرب وتونس بجبهة التحرير الوطني الجزائرية كونها الممثل الشرعي والوحيد لشعب الجزائري .. وجرى عرض القضية الجزائرية على اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة في "4/شباط /1957 " ، الا ان ممثل فرنسا في الجمعية قال معترضاً : لايوجد من يمثل الشعب الجزائري من نبحث القضية معه .. وطرح ممثل الولايات المتحدة الاميريكية مشروع الرئيس "ايزنهاور " بملء الفراغ مجدداً ، ومختصر مضمونه "اقامة دويلة على جزء من الجزائر تحت وصاية فرنسا وفي كنف اطار الحلف الاطلسي وتنصيب احد العملاء " مصالي الحاج " رئيساً لها .."
مؤتمر طنجة وقراراته الثلاثة الايجابية :- عقد في ولاية طنجة المغربية مؤتمر يضم حزب الاستقلال ، وحزب الدستور التونسي الجديد ، وجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، واتخذت القرارات التالية :-
1. استنكار الحرب العدوانية الرامية الى تكريس السيطرة والاحتلال الفرنسي على الجزائر ، ودعوة الدول الغربية والولايات المتحدة الاميريكية بالكف عن تقديم المساعدات الى الجيوش الفرنسية المعتدية ، والاعتراف بحق الشعب الجزائري في مقاومة الاحتلال وتقرير مصيره بنفسه .
2. الاعتراف بجبهة التحرير الوطني الجزائرية الممثل الشرعي الوحيد للشعب الجزائري ، الدعوة الى المطالبة بجلاء الجيوش الاجنبية عن تراب القطرين العربين " تونس والمغرب "
3. تأليف منظمة فيدرالية تجمع الاقطار المغربية الثلاثة وهي :
أ- المجلس الاستشاري المغربي . ب- المجلس الوطني التونسي . ج- المجلس الوطني للثورة الجزائرية " وهذه المنظمة بمثابة برلمان " .
كان لاجتماع طنجة وقراراته اهمية ، لابالنسبة الى الثورة الجزائرية التحريرية ، فحسب ، بل وبالنسبة الى حركات التحرر الوطني في المغرب العربي عامة .. ، حيث تبلورت فكرة وحدة المغرب العربي ، كخطوة هامة على طريق الوحدة العربية ..
جاءت قرارات مؤتمر طنجة ، معبرة عن روح ومبادئ مؤتمر باندونغ ، والتي نصت على تصفية الاستعمار ، وتعزيز السلم والتعايش السلمي العالمي ، كما جاءت مقررات مؤتمر طنجة معبرة عن اماني وتطلعات الشعب الجزائري وقواه المسلحة ، وخطوة هامة على طريق تحقيق النصر ونيل الاستقلال الوطني ..
وعندما تولى الجنرال "ديغول السلطة في "28/مايس /1958 ومناداته في الاول من حزيران من ذلك العام بنهاية الجمهورية الرابعة ، معلناً تأسيس الجمهورية الخامسة وشكل الحكم الرئاسي وبهذا التوجه اتبع الجنرال ديغول نهجاً بتوجهين ، هما ، بوعوده باحلال السلم في الجزائر استجابة لرغبة الشعب الفرنسي آنئذ .. ، وقد وعد :انه خلال ثلاثة اشهر من حزيران عام 1958 ، مؤكداً وعده هذا في كانون الاول من نفس السنة بقوله :- لقد طويت صفحة المعارك منذ الان " .
أما التوجه الاخر ، فهو :" متابعة حربه العدوانية ضد الشعب الجزائري ، استجابة ومراعاة لرغبات غلاة المستعمرين والعناصر الفاشية في فرنسا والجزائر ..، والتي عبرت عنها المظاهرات الكبرى التي قامت احتجاجا على وعد تقدم به رئيس الوزراء " بيار فليملان " وعرضه على المجلس الوطني الفرنسي ، بأمكانية التفاوض مع ممثلي الثورة الجزائرية ،واعدا بتغير القانون الاساسي لادارة الجزائر ، واعلان العفو العام ، لكن ذلك الوعد وتلك التوجهات اجهضت في مهدها ، حيث غلاة المستعمرين الفرنسين والرجعين والعملاء الجزائرين ، وايدهم الجيش الفرنسي وجنرالاته الفاشين وقد شكلت لجنة وعلى رأسها القائد العسكري الجنرال " أصلان " ، بهدف متابعة الحرب في الجزائر .. وقد استجاب الجنرال ديغول لشعارات المظاهرات التي قامت به هذه العناصر الفاشية تحت شعار : الجزائر فرنسية .." وعند وصول المظاهرات محل اقامته عند زيارته للجزائر يوم " 4/ حزيران ، خرج إلى شرفة البناية وحياهم بقوله ".. انني فهمتكم.." ونادى في بلدة " مستغانم بشعار – تحيا الجزائر فرنسية " وصرح في " 6/حزيران / بمدينة وهران بقوله " يجب على الجزائر ان تبقى ارضا فرنسية والى الابد " ، ثم قال " انه لايريد مشاهدة سوى فرنسيين بنصيب تام في الجزائر " ونادى بمناسبات اخرى بقوله " من دونكرك إلى تمنراست ، الكل فرنسيون متساون .."1"
وعلى الرغم من سياسة ديغول التساومية ، وتقلباته ، فأن نضال الشعب الجزائري ومقاومته المسلحة الباسلة وخطط قيادته السياسية " جبهة التحرير الوطني " كانت ابلغ الردود على تلك التخرصات الامبريالية ، وفي يوم " 19/أيلول/ 1958 " شكلت الحكومة الجزائرية المؤقتة برئاسة عضو المجلس الوطني للثورة الجزائرية " فرحات عباس " وحظيت بأعتراف العديد من دول العالم وأكثرية الدول العربية ، ونشر اول تصريح لرئيس الحكومة المؤقتة في القاهرة يوم " 26/9/1958 " قائلا :" استعداد قيادة الثورة الجزائرية لحل القضية الجزائرية بالطرق السلمية متى ماشاءت الحكومة الفرنسية ، غير ان المقاومة المسلحة الجزائرية لن تلق سلاحها، الالحكومة وطنية جزائرية معترف بها وبحقها وسلطاتها الكاملة والمطلقة في السيادة الوطنية .."
وقد رد الجنرال " ديغول على تأليف الحكومة الجزائرية المؤقتة اعلانه رسميا ، بعدم الاعتراف لابجبهة التحرير الوطني الجزائرية ، ولابجيشها ، ولابالحكومة الموقته للجمهورية الجزائرية .. واكد قوله ".. ان فرنسا لن تعترف بهولاء الذين تولاهم الغرور ، ويحاولون فرض ارادتهم ودكتاتوريتهم بالقوة ، وانها لن ترفض قطعا بالتعامل معهم وبمقاومتهم في أمر الجزائر .."
ومهما امعن الجنرال " ديغول " وجنرالات جيوشه المحتلة ، ومهما جاء بمشاريع قوانين دستورية ، فالشعب الجزائري اختار طريق النضال التحرري ، ولم ولا ولن يصبح فرنسا بهذه القوانين وبالانتخابات وبتطبيقها ..
الثورة الجزائرية متواصلة وقيادتها الثورية وبحرصها على تنفيذ مقررات مؤتمراتها تحرز النصر تلو الاخر .. كما ان القوى التقدمية ، والتي لم تحل نفسها وبقيت ضمن اطارها التنظيمي ونقصد بها الحزب الشيوعي الجزائري ، ومع كل ماقيل من تقويم لاموضوعي لمجمل خطه السياسي ، فمواقفه من الاحداث معلنه وعلى وفق موضوعه " لنا اخطاؤنا وعليهم خياناتهم .. " قد اصدر بيانه ردا على سياسة ديغول بما يلي " ان شعبنا اشهر السلاح بأسم الدفاع عن كيانه كأمة ولن يسمح لمضطهديه الاجانب ان يسنوا القوانين بأسمه ، وسوف لن تكون الانتخابات سوى مهازل غربية ، وان الحزب الشيوعي الجزائري يشهر بها ويفضحها امام الرأي العام العالمي ، لايضمر الشعب الجزائري أي نوع من الكراهية للشعب الفرنسي رغم ما يلاقيه من اعمال القمع والتعذيب الرهيبة ، غير انه لايقبل ان يكون فرنسيا ". هذا هو موقف الحزب الشيوعي الجزائري ، وعلى الرغم من كونه لم يقطع حبل السرة مع الحزب الشيوعي الفرنسي ، الذي يعطي لمصالح دولته وقضايا قوميته الاهتمام الاول ..وقياسا بمواقف من يدعي الشيوعية هنا وهناك ، حيث تخندق قيادات شيوعية معلومة بمخطط عدوانية استهدفت العراق والامة العربية ، فشتان بين الموقفين ..
وعلى الرغم من سياسة القمع والارهاب والقوات العسكرية الفرنسية التي تجثم على صدور المواطنين والتي قدر عددها بـ "500.000 " جندي في سنة 1959 أعلن الجنرال ديغول في خطابه بتاريخ 16 / أيلول / 1959 ، وفيما يتعلق بالقضية الجزائرية بما يلي : " ان الوقت ، الذي يتاح فيه للرجال وللنساء في الجزائر ان يقرروا مصيرهم في حرية تامة ليس ببعيد " ثم قال : " واعتمادا على رغبة الجزائرين وعلى مصالح فرنسا ، وعلى ما ينظره العالم في الجزائر لانهاء هذه المشكلة ، اقرر ان تقرير مصير هذا البلد اصبح ضرورة " ، اما الوضع الذي سيختاره الجزائريون حسب هذا
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى