- بهيةعضو بارز
- الجنس :
عدد الرسائل : 1138
العمر : 52
مقر الإقامة : وسط المدينة تينركوك ولاية ادرار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
التقييم : 69
نقاط : 2069
ادور الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية وتأثيرها على الحركات التحررية في العالم الثالث..03..
الخميس أبريل 16, 2009 8:53 pm
وقد لايتسع المجال هنا لعرض مراحل الصراع السياسي والدبلوماسي للجزائر على المستوى الدولي. وعلى هذا الأساس، يكون من المناسب ذكر بعض الانتصارات الدبلوماسية للجزائرالثورية وبالتالي الهزائم الدبلوماسية التي لحقت بالحكومة بالفرنسية، نذكر منها خاصة:
1/ التقرير الذي بعثه السيناتور جون كنيدي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، حيث إتهم فيه كنيدي أمام الكونغرس، السياسية الفرنسية فيما يخص موقفها الإستعماري المتعنت والسياسة التي إلتزمتها الولايات المتحدة تجاه هذه المسألة. مما بدأ يغير مجرى الأحوال عبر العالم لاسيما في الدول الغربية.
2/ مذكرة بتاريخ 23 نوفمبر 1960 موجهة من طرف أعضاء البرلمان السويدي إلى الوزير الأول مطالبين حكومتهم التدخل لدى هيئة الأمم المتحدة لوقف الإعتداءات الفرنسية وإيجاد حل سلمي للقضية الجزائرية.
3/ الندوات الصحفية ووسائل الإعلام التي جندتها الجبهة للرأي العام الدولي ضد الحرب الفرنسية في الجزائر وإعطاء أرقام عن الشهداء والأسرى وحرق الأراضي وعدد المحتشدات، مما أعطى إحصائيات حقيقية للدمار الإستعماري ونظرة حقيقية للعمليات العسكرية والفدائية في المدن والمناطق الجبلية التي جعلت العدو لا يستقر ولا يهدأ له بال، إلى غير ذلك من الإتصالات المباشرة مع عواصم العالم.
4/ تنصيب البعثات والوفود الجزائرية في الخارج والتي كانت من جملة مهامها توسيع أعمال الجبهة السياسية منها لفت نظر العالم والإتصال الدائم بالهيئات الدبلوماسية للدول الشقيقة والصديقة والغربية وكذا الحكومات المركزية التابعة للدول حيث كان يوجد ممثل الثورة الجزائرية.
5/ تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (GPRA) في 26 سبتمبر 1958، وكان ذلك من نتائج الدبلوماسية الجزائرية حيث كان عملها الأساسي هو إسماع الصوت الرسمي للمثل الرئيسي للشعب الجزائري على المستوى الدولي. فقد عمد فرحات عباس الذي كان يترأس الحكومة المؤقتة آنذاك إلى إجراء عدد من اللقاءات والزيارات للوفود الجزائرية في الخارج، منها زيارة الوفد إلى بكين وموسكو وبلغراد ونيودلهي إلى غير ذلك من عواصم الدول الصديقة والعربية الشقيقة. وقد سجلت هذه الحكومة الفتية أول عمل دبلوماسي لها في هيئة الأمم المتحدة إذ أسمعت صوت ملايين الجزائريين فيما يخص الإستفتاء الذي اقترحه الجنرال دي غول رئيس الجمهورية الفرنسية انذاك في 16 سبتمبر 1959.
6/ القرار الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 19/12/1960 (أثناء الدورة الحادية عشرة) والذي تضمن مايلي:
أولا: "إن الجمعية العامة قد أحيطت علما بأن الفريقين قد وافقا على تقرير المصير كأساس لحل القضية الجزائرية ووافقت على هذا المبدأ".
ثانيا: إن الجمعية العامة قد أكدت الحاجة القصوىّ لوضع الضمانات الفعلية المناسبة التي تكفل تطبيق مبدأ تقرير المصير بنجاح وعدالة، على أساس الإعتراف بالوحدة والسلامة الإقليمية للجزائر.
7/ النصر الدبلوماسي إثر انضمام الجزائر المكافحة إلى إتفاقيات جنيف في 20 جويلية 1960 الذي حققته في القصر الفيدرالي بمدينة بارن (BERNE) السويسرية والذي كان له إنعكاسات كبيرة بحصولها على تسجيل حكومة سويسرا وثائق إنضمام الحكومة المؤقتة إلى إتفاقيات جنيف الأربعة المبرمة في 12 أغسطس 1949 بشأن حقوق الإنسان.
يقول الأستاذ محمد بجاوي ا لذي صار فيما بعد وزيرا للعدل في الجزائر المستقلة و رئيس محكمة العدل الدولية ثم وزيرا للخارية قبل اعتزاله عن السياسة : " كانت هذه الإتفاقيات تنظم سلوك المتحاربين وأسرى الحرب وحقوق الإنسان، وكان الإنضمام إلى هذه الإتفاقيات ، يعد في سياق ذلك العهد، نصرا سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا هائلا، وكان لا يبدو في متناول أي حركة تحررية في ذلك العهد".
ومن الميادين التي تحقق فيها النجاح كاملا ـ يضيف محمد بجاوي ـ على الرغم من قيود وقواسر الحياة في الجبال ميدان معاملة أسرى الحرب. وكان الإفراج على الأسرى عندما يتقرر يستلزم عبور الجزائر بكاملها عبر مخاطر الجبال حتى حدود التراب التونسي أو التراب المغربي، حيث يسلمون للجنة الدولية للصليب الأحمر". أما فيما يخص الأسرى من جنسيات أخرى غير الجنسية الفرنسية، يضيف السيد بجاوي، فقد برزت الحكومة المؤقتة في شأنهم بعمل إنساني جدير بالتنويه، حيث أنشأت مصالح كثيرة لإعادة هؤلاء الشباب من "فيلق اللفيف الأجنبي" (L?gion Etrang?re) إلى أوطانهم عبر الحدود المجاورة. ويقدر الأستاذ بجاوي الذين وصلوا إلى الحدود الغربية وحدها إلى رقم 3299 جندي بحلول يوم 23 جويلية 1960.
وعلى هذا الأساس، وبعد تكثيف العمليات العسكرية بالضربات القاصمة للقوات المستعمرة المرة تلو الأخرى والضربات الدبلوماسية المحنكة، بدأت مباحاثات إفيان (Evian) التي سنطرحها في مايلي:
وقبل أن نتكلم عن المفاوضات الرسمية التي سطرت الطريق إلى الحرية والاستقلال، بودنا أن نقول أن بعض الأحداث المتتالية و المبرمجة من طرف الجبهة جعلت نفسها تفرض قوة المفاوضات وأسلوب المباحثات بين الطرفين الفرنسي والجزائري.
أولا: مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي كانت حاسمة في:
1/إقامة الدليل للحكومة الفرنسية على أنه لا توجد أي قوة سياسية بالجزائر تتمتع بثقة الشعب ماعدا جبهة التحرير الوطني، وإلى هذا يرجع بعض الباحثين عزم الرئيس الفرنسي دي غول على التفاوض مع الجبهة.
2/ دفع الإستعماريين إلى الظهور بمظهرهم الحقيقي الذي بدأ من خلال عمليات منظمة الجيش السري الإرهابي(OAS) التي فقدت كل امال في التشبت في البقاء داخل هذه البلاد وبدأت تنتهح سياسة الأرض المحروقة.
ثانيا: مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس بقلب فرنسا والتي واجهتها قوات الأمن تحت قيادة السفاح موريس بابون (Maurice Papon) حاكم مدينة باريس بكل وحشية، مما حطم سمعة?? فرنسا المتحضرة ?? .
ومن هذا المنطلق، أخذت الحكومة المؤقتة على عاتقها مبدأ الأمم المتحدة بصدور قرار أعلنت من خلاله إستعدادها للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية على أساس تقرير المصير والاستقلال.
في الحقيقة، كانت هناك مراحل عديدة للمحادثا تالجزائرية الفرنسية منها:
1/ الإتصالات السرية:
*قبل أن تعترف فرنسا رسميا بممثلي الشعب الجزائري كطرف محارب، تم الإتصال الأول في 12 أبريل 1956 بالقاهرة بين جوزيف بيغارا، النائب الإشتراكي في البرلمان الفرنسي والسيد محمد خيضر ممثل الجبهة.
*وكان الإتصال الثاني في 25 جويلية 1956 ببلغراد بين محمد يزيد وأحمد فرانسيس عن الجبهة وبيار كومين، نائب الأمين العام للحزب الإشتراكي الفرنسي وبيار هيربوت من الجانب الفرنسي.
*أما الإتصال الثالث، فكان في 20 سبتمبر 1956 بروما بين محمد خيضر ومحمد يزيد وعبد الرحمن كيوان من جبهة وبين بيار كومين وبيار هيربوت من جهة أخرى.
*وتم الإتصال الرابع في 22 سبتمبر 1956 ببلغراد بين محمد خيضر والأمين دباغين من جهة وبين بيار هيربوت من جهة أخرى.
لكن هذه الإتصالات توقفت بعد عملية القرصنة الجوية في 22 أكتوبر1956 حيث ألقي القبض على الزعماء الخمسة بن بله و رفاقه.
والجدير بالذكرأنه بعد مجيء الجنرال دي غول إلى الحكم باشر الإتصال مع جبهة التحرير قائلا أنه مستعد ليبحث معها إيقاف القتال على أساس الإنتخابات ثم المفاوضات. فكان الإجتماع ما بين 20 أغسطس و20 أكتوبر 1958، وكان ذلك بمجرد "سياسة إدماج في ثوب جديد" بعدما كان يريد من وراء ذلك ربح الوقت في هدنة وإيقاف إطلاق النار ضمن إعلانه عن "سلم الشجعان". لكن فرحات عباس رد عليه بأنه نسي أن الشعب الجزائري قد رفض الإدماج في أشد حالة ضعفه، فكيف يقبله اليوم وثورته في عامها الرابع أسمعت العالم دجيجها وأهدافها. ولقد كان هذا الرد بمثابة صفعة قاسية لكل من كان يشك في إستقلال الجزائر. فقال قولته الشهيرة: " أفضل أن نكون 10 ملايين من الجثث على أن نكون عشرة ملايين من الفرنسيين".
وبذلك عرف دي غول أن هذا الطريق غير مُجد فقطع إتصلاته السرية، إلى أن جاء اليوم المعلوم لبدء مفاوضات حقيقية على أسس متكافئة بين الطرفين، حيث أعربت الحكومة المؤقتة عن إستعدادها للعمل على تصفية المعضلة طبقا لروح هذا المبدأ المقبول قصد توقيف إطلاق النار وتحديد الشروط والضمانات لتقرير المصير وتحقيق الإستقلال.
2/ المفاوضات الرسمية:
من الواضح أن فرنسا حاولت أن تخلق قوة ثالثة موالية لها لتضمن مصالحها ولم تعترف بجبهة التحرير كممثل للشعب الجزائري. ولما أبطلت الجبهة هذه المحاولة الأخرى، أضطر دي غول أن يعرض علانية في 20 نوفمبر 1959 على قادة الثورة التفاوض من أجل إنهاء المعارك و"محاولة تبييض صورة فرنسا سياسيا ودبلوماسيا". فردت عليه الحكومة المؤقتة بتعيين الوزراء الخمس بن بله و رفاقه المعتقلين بفرنسا لإجراء هذه المفاوضات، لكنه رفض وقال أنه لا يتفاوض مع رجال يوجدون خارج المعكرة متمسكا برأيه، وهو أن الحكومة المؤقتة لاتمثل كل الجزائريين. لكنه في الأخير لمس الحقيقة بنفسه عند زيارته للجزائر في ديسمبر 1960 ليشرح سياسته الجديدة فاستقبلته جموع الجزائريين وهي تحمل العلم الجزائري وشعارات جبهة التحرير الوطني. فعاد إلى فرنسا وهو مقتنع بإستحالة سياسته الجديدة.
يقول المفكر الفرنسي المشهور جاك بيرك (Jacques Berques)"مع من يتعين علينا أن نتفاوض ؟ مع الخصم بالطبع، ولايعني ذلك أن نعتبره الممثل الرئيسي والوحيد. إن الشعب الجزائري بكامله هو الذي له أن يحدد مستقبله بنفسه، ولكن القوة التمثيلية لجبهة التحرير أو الحكومة الجزائرية المؤقتة أو كيفما دعوناها تعتبر كافية لإنهاء الصراع وبالتالي إجراء المفاوضات حتميا معها... ثم يعرض هذا البروتوكول للإستشارة الشعبية".
ونظرا لهذا الصراع النفسي والسيساي والدبلوماسي بين فرنسا الإستعمارية ودبلوماسية جبهة التحرير الوطني، فإنه سيكون من المعقول الوصول حتما إلى مفاوضات رسيمة حقيقية ..أولا: مفاوضات مولان : (MELUN)
في 14 يونيو1960، دعا الجنرال دي غول، في خطاب له، قادة الثورة الجزائرية للقدوم إلى فرنسا، فوافقت الحكومة المؤقتة في 20 من نفس الشهر، وتم تحديد مدينة مولان MELUN الفرنسية للقاء بين أحمد بومنجل ومحمد بن يحي للتمهيد للمفاوضات، وذلك من 25 إلى 29 من نفس الشهر، واصطدم الوفد الجزائري بالموقف الفرنسي الذي كان مراده جس النبض ومعرفة مدى صلابة وتمسك الثورة بمبادئها.
ثانيا: كما تم لقاء آخر في لوسيرن (LUCERNE) بسويسرا في نهاية 1960 بين أحمد بومنجل والطيب بولحروف وممثلي فرنسا جورج بومبيدو وهوبير لويس، وكانت هذه الجولة أكثر جدية من سابقتها وعلى قدم المساواة، ولكن هذا اللقاء لم ينجح كون فرنسا طرحت "تسليم الإستقلال دون الصحراء"، وهي مسألة مبدئية في دبلوماسية الثورة الجزائرية. مما أرغم فرنسا على الإعتراف بالجبهة والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ثالثا: مفاوضات الأولى (Evian)
أعلنت الحكومة المؤقتة في 3 مارس 1961 أن وقف إطلاق النار لن يتم إلا بالمفاوضات بين الحكومتين. وكان على الجانب الجزائري أحمد بومنجل والطيب بولحروف، وجورج بومبيدو Georges Pompidou وبرونو دولوس Bruno De Leus عن الوفد الفرنسي. وقـد اتفقوا عـلى بـدأ المفاوضات في إفيان مـن 20 مـاي إلى 13 جوان 1961، ثم توقفت نظرا لإسرار فرنسا على فصل الصحراء عن الجزائر (وهي إعادة إثارة الأسطورة القديمة أي الصحراء الفرنسية وفصلها عن الجزائر الأم، (لاسيما بعد إكتشاف ثرواتها النفطية) وكذلك إصرارها على منح الجنسية المزدوجة للأقلية الأوروبية في الجزائر مما يجعل منها دولة داخل دولة، وكذا تهديدها بتقسيم الجزائر إلى "قطاعات جزائرية" (Territoires Alg?riens)،مع الاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية إلى الأبد.
وقد شهدت الجزائر أثناء هذه المفاوضات من الرابع إلى السابع يونيوتحركات سياسية ودبلوماسية كثيفة، لكن المفاوضات توقفت في 12 جوان "لأن فرنسا كان تريد في المفاوضات الأولى استقلالا شكليا مزيفا، مما أدى إلى تأجيل هذه المفاوضات إلى أجل غير مسمى، مع العلم أن إرادة دي غول وعزيمته الأولية والرئيسية هي: الحصول على توقيف عاجل للإطلاق النار، منذ مجيئه إلى الحكم.
كما كانت هناك بعض المبادرات من بعض الأقطار المجاورة للضغط على الحكومة الجزائرية للتنازل وقبول الحل الفرنسي.
لكن رد الفعل كان سريعا على هذا التدخل حيث قام الشعب الجزائري بمظاهرات مساندة للوفد ومنددة بالتعنت الفرنسي الذي يدل على سوء النية في إيجاد حل للقضية الجزائرية.
رابعا : مفاوضات "لوغران" (LUGRIN)
ثم استؤنفت المفاوضات في جويلية بـلوغران "LUGRIN" قرب الحدود السويسرية، واستمرت هذه المرة أكثر من أسبوع، ثم انقطعت من جديد من أجل إصرار فرنسا على فصل الصحراء باعتبار الصحراء مشكلة قائمة ستسوى هذه المرة فيما بعد بين الجزائر المستقلة وفرنسا، وكان ذلك في 20/07/1961.
خامسا: مفاوضات إيفيان الثانية EVIAN:
وأخيرا في 02 أكتوبر 1961 تراجع الجنرال دي غول عن رأيه في مؤتمر صحفي بضرورة التفاوض مع الجبهة على أساس استقلال الجزائر، كل الجزائر بما فيها الصحراء.
محمد ختاوي
1/ التقرير الذي بعثه السيناتور جون كنيدي الذي أصبح فيما بعد رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، حيث إتهم فيه كنيدي أمام الكونغرس، السياسية الفرنسية فيما يخص موقفها الإستعماري المتعنت والسياسة التي إلتزمتها الولايات المتحدة تجاه هذه المسألة. مما بدأ يغير مجرى الأحوال عبر العالم لاسيما في الدول الغربية.
2/ مذكرة بتاريخ 23 نوفمبر 1960 موجهة من طرف أعضاء البرلمان السويدي إلى الوزير الأول مطالبين حكومتهم التدخل لدى هيئة الأمم المتحدة لوقف الإعتداءات الفرنسية وإيجاد حل سلمي للقضية الجزائرية.
3/ الندوات الصحفية ووسائل الإعلام التي جندتها الجبهة للرأي العام الدولي ضد الحرب الفرنسية في الجزائر وإعطاء أرقام عن الشهداء والأسرى وحرق الأراضي وعدد المحتشدات، مما أعطى إحصائيات حقيقية للدمار الإستعماري ونظرة حقيقية للعمليات العسكرية والفدائية في المدن والمناطق الجبلية التي جعلت العدو لا يستقر ولا يهدأ له بال، إلى غير ذلك من الإتصالات المباشرة مع عواصم العالم.
4/ تنصيب البعثات والوفود الجزائرية في الخارج والتي كانت من جملة مهامها توسيع أعمال الجبهة السياسية منها لفت نظر العالم والإتصال الدائم بالهيئات الدبلوماسية للدول الشقيقة والصديقة والغربية وكذا الحكومات المركزية التابعة للدول حيث كان يوجد ممثل الثورة الجزائرية.
5/ تأسيس الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (GPRA) في 26 سبتمبر 1958، وكان ذلك من نتائج الدبلوماسية الجزائرية حيث كان عملها الأساسي هو إسماع الصوت الرسمي للمثل الرئيسي للشعب الجزائري على المستوى الدولي. فقد عمد فرحات عباس الذي كان يترأس الحكومة المؤقتة آنذاك إلى إجراء عدد من اللقاءات والزيارات للوفود الجزائرية في الخارج، منها زيارة الوفد إلى بكين وموسكو وبلغراد ونيودلهي إلى غير ذلك من عواصم الدول الصديقة والعربية الشقيقة. وقد سجلت هذه الحكومة الفتية أول عمل دبلوماسي لها في هيئة الأمم المتحدة إذ أسمعت صوت ملايين الجزائريين فيما يخص الإستفتاء الذي اقترحه الجنرال دي غول رئيس الجمهورية الفرنسية انذاك في 16 سبتمبر 1959.
6/ القرار الذي أصدرته هيئة الأمم المتحدة بتاريخ 19/12/1960 (أثناء الدورة الحادية عشرة) والذي تضمن مايلي:
أولا: "إن الجمعية العامة قد أحيطت علما بأن الفريقين قد وافقا على تقرير المصير كأساس لحل القضية الجزائرية ووافقت على هذا المبدأ".
ثانيا: إن الجمعية العامة قد أكدت الحاجة القصوىّ لوضع الضمانات الفعلية المناسبة التي تكفل تطبيق مبدأ تقرير المصير بنجاح وعدالة، على أساس الإعتراف بالوحدة والسلامة الإقليمية للجزائر.
7/ النصر الدبلوماسي إثر انضمام الجزائر المكافحة إلى إتفاقيات جنيف في 20 جويلية 1960 الذي حققته في القصر الفيدرالي بمدينة بارن (BERNE) السويسرية والذي كان له إنعكاسات كبيرة بحصولها على تسجيل حكومة سويسرا وثائق إنضمام الحكومة المؤقتة إلى إتفاقيات جنيف الأربعة المبرمة في 12 أغسطس 1949 بشأن حقوق الإنسان.
يقول الأستاذ محمد بجاوي ا لذي صار فيما بعد وزيرا للعدل في الجزائر المستقلة و رئيس محكمة العدل الدولية ثم وزيرا للخارية قبل اعتزاله عن السياسة : " كانت هذه الإتفاقيات تنظم سلوك المتحاربين وأسرى الحرب وحقوق الإنسان، وكان الإنضمام إلى هذه الإتفاقيات ، يعد في سياق ذلك العهد، نصرا سياسيا ودبلوماسيا وقانونيا هائلا، وكان لا يبدو في متناول أي حركة تحررية في ذلك العهد".
ومن الميادين التي تحقق فيها النجاح كاملا ـ يضيف محمد بجاوي ـ على الرغم من قيود وقواسر الحياة في الجبال ميدان معاملة أسرى الحرب. وكان الإفراج على الأسرى عندما يتقرر يستلزم عبور الجزائر بكاملها عبر مخاطر الجبال حتى حدود التراب التونسي أو التراب المغربي، حيث يسلمون للجنة الدولية للصليب الأحمر". أما فيما يخص الأسرى من جنسيات أخرى غير الجنسية الفرنسية، يضيف السيد بجاوي، فقد برزت الحكومة المؤقتة في شأنهم بعمل إنساني جدير بالتنويه، حيث أنشأت مصالح كثيرة لإعادة هؤلاء الشباب من "فيلق اللفيف الأجنبي" (L?gion Etrang?re) إلى أوطانهم عبر الحدود المجاورة. ويقدر الأستاذ بجاوي الذين وصلوا إلى الحدود الغربية وحدها إلى رقم 3299 جندي بحلول يوم 23 جويلية 1960.
وعلى هذا الأساس، وبعد تكثيف العمليات العسكرية بالضربات القاصمة للقوات المستعمرة المرة تلو الأخرى والضربات الدبلوماسية المحنكة، بدأت مباحاثات إفيان (Evian) التي سنطرحها في مايلي:
وقبل أن نتكلم عن المفاوضات الرسمية التي سطرت الطريق إلى الحرية والاستقلال، بودنا أن نقول أن بعض الأحداث المتتالية و المبرمجة من طرف الجبهة جعلت نفسها تفرض قوة المفاوضات وأسلوب المباحثات بين الطرفين الفرنسي والجزائري.
أولا: مظاهرات 11 ديسمبر 1960 التي كانت حاسمة في:
1/إقامة الدليل للحكومة الفرنسية على أنه لا توجد أي قوة سياسية بالجزائر تتمتع بثقة الشعب ماعدا جبهة التحرير الوطني، وإلى هذا يرجع بعض الباحثين عزم الرئيس الفرنسي دي غول على التفاوض مع الجبهة.
2/ دفع الإستعماريين إلى الظهور بمظهرهم الحقيقي الذي بدأ من خلال عمليات منظمة الجيش السري الإرهابي(OAS) التي فقدت كل امال في التشبت في البقاء داخل هذه البلاد وبدأت تنتهح سياسة الأرض المحروقة.
ثانيا: مظاهرات 17 أكتوبر 1961 بباريس بقلب فرنسا والتي واجهتها قوات الأمن تحت قيادة السفاح موريس بابون (Maurice Papon) حاكم مدينة باريس بكل وحشية، مما حطم سمعة?? فرنسا المتحضرة ?? .
ومن هذا المنطلق، أخذت الحكومة المؤقتة على عاتقها مبدأ الأمم المتحدة بصدور قرار أعلنت من خلاله إستعدادها للدخول في مفاوضات مع الحكومة الفرنسية على أساس تقرير المصير والاستقلال.
في الحقيقة، كانت هناك مراحل عديدة للمحادثا تالجزائرية الفرنسية منها:
1/ الإتصالات السرية:
*قبل أن تعترف فرنسا رسميا بممثلي الشعب الجزائري كطرف محارب، تم الإتصال الأول في 12 أبريل 1956 بالقاهرة بين جوزيف بيغارا، النائب الإشتراكي في البرلمان الفرنسي والسيد محمد خيضر ممثل الجبهة.
*وكان الإتصال الثاني في 25 جويلية 1956 ببلغراد بين محمد يزيد وأحمد فرانسيس عن الجبهة وبيار كومين، نائب الأمين العام للحزب الإشتراكي الفرنسي وبيار هيربوت من الجانب الفرنسي.
*أما الإتصال الثالث، فكان في 20 سبتمبر 1956 بروما بين محمد خيضر ومحمد يزيد وعبد الرحمن كيوان من جبهة وبين بيار كومين وبيار هيربوت من جهة أخرى.
*وتم الإتصال الرابع في 22 سبتمبر 1956 ببلغراد بين محمد خيضر والأمين دباغين من جهة وبين بيار هيربوت من جهة أخرى.
لكن هذه الإتصالات توقفت بعد عملية القرصنة الجوية في 22 أكتوبر1956 حيث ألقي القبض على الزعماء الخمسة بن بله و رفاقه.
والجدير بالذكرأنه بعد مجيء الجنرال دي غول إلى الحكم باشر الإتصال مع جبهة التحرير قائلا أنه مستعد ليبحث معها إيقاف القتال على أساس الإنتخابات ثم المفاوضات. فكان الإجتماع ما بين 20 أغسطس و20 أكتوبر 1958، وكان ذلك بمجرد "سياسة إدماج في ثوب جديد" بعدما كان يريد من وراء ذلك ربح الوقت في هدنة وإيقاف إطلاق النار ضمن إعلانه عن "سلم الشجعان". لكن فرحات عباس رد عليه بأنه نسي أن الشعب الجزائري قد رفض الإدماج في أشد حالة ضعفه، فكيف يقبله اليوم وثورته في عامها الرابع أسمعت العالم دجيجها وأهدافها. ولقد كان هذا الرد بمثابة صفعة قاسية لكل من كان يشك في إستقلال الجزائر. فقال قولته الشهيرة: " أفضل أن نكون 10 ملايين من الجثث على أن نكون عشرة ملايين من الفرنسيين".
وبذلك عرف دي غول أن هذا الطريق غير مُجد فقطع إتصلاته السرية، إلى أن جاء اليوم المعلوم لبدء مفاوضات حقيقية على أسس متكافئة بين الطرفين، حيث أعربت الحكومة المؤقتة عن إستعدادها للعمل على تصفية المعضلة طبقا لروح هذا المبدأ المقبول قصد توقيف إطلاق النار وتحديد الشروط والضمانات لتقرير المصير وتحقيق الإستقلال.
2/ المفاوضات الرسمية:
من الواضح أن فرنسا حاولت أن تخلق قوة ثالثة موالية لها لتضمن مصالحها ولم تعترف بجبهة التحرير كممثل للشعب الجزائري. ولما أبطلت الجبهة هذه المحاولة الأخرى، أضطر دي غول أن يعرض علانية في 20 نوفمبر 1959 على قادة الثورة التفاوض من أجل إنهاء المعارك و"محاولة تبييض صورة فرنسا سياسيا ودبلوماسيا". فردت عليه الحكومة المؤقتة بتعيين الوزراء الخمس بن بله و رفاقه المعتقلين بفرنسا لإجراء هذه المفاوضات، لكنه رفض وقال أنه لا يتفاوض مع رجال يوجدون خارج المعكرة متمسكا برأيه، وهو أن الحكومة المؤقتة لاتمثل كل الجزائريين. لكنه في الأخير لمس الحقيقة بنفسه عند زيارته للجزائر في ديسمبر 1960 ليشرح سياسته الجديدة فاستقبلته جموع الجزائريين وهي تحمل العلم الجزائري وشعارات جبهة التحرير الوطني. فعاد إلى فرنسا وهو مقتنع بإستحالة سياسته الجديدة.
يقول المفكر الفرنسي المشهور جاك بيرك (Jacques Berques)"مع من يتعين علينا أن نتفاوض ؟ مع الخصم بالطبع، ولايعني ذلك أن نعتبره الممثل الرئيسي والوحيد. إن الشعب الجزائري بكامله هو الذي له أن يحدد مستقبله بنفسه، ولكن القوة التمثيلية لجبهة التحرير أو الحكومة الجزائرية المؤقتة أو كيفما دعوناها تعتبر كافية لإنهاء الصراع وبالتالي إجراء المفاوضات حتميا معها... ثم يعرض هذا البروتوكول للإستشارة الشعبية".
ونظرا لهذا الصراع النفسي والسيساي والدبلوماسي بين فرنسا الإستعمارية ودبلوماسية جبهة التحرير الوطني، فإنه سيكون من المعقول الوصول حتما إلى مفاوضات رسيمة حقيقية ..أولا: مفاوضات مولان : (MELUN)
في 14 يونيو1960، دعا الجنرال دي غول، في خطاب له، قادة الثورة الجزائرية للقدوم إلى فرنسا، فوافقت الحكومة المؤقتة في 20 من نفس الشهر، وتم تحديد مدينة مولان MELUN الفرنسية للقاء بين أحمد بومنجل ومحمد بن يحي للتمهيد للمفاوضات، وذلك من 25 إلى 29 من نفس الشهر، واصطدم الوفد الجزائري بالموقف الفرنسي الذي كان مراده جس النبض ومعرفة مدى صلابة وتمسك الثورة بمبادئها.
ثانيا: كما تم لقاء آخر في لوسيرن (LUCERNE) بسويسرا في نهاية 1960 بين أحمد بومنجل والطيب بولحروف وممثلي فرنسا جورج بومبيدو وهوبير لويس، وكانت هذه الجولة أكثر جدية من سابقتها وعلى قدم المساواة، ولكن هذا اللقاء لم ينجح كون فرنسا طرحت "تسليم الإستقلال دون الصحراء"، وهي مسألة مبدئية في دبلوماسية الثورة الجزائرية. مما أرغم فرنسا على الإعتراف بالجبهة والجلوس إلى طاولة المفاوضات.
ثالثا: مفاوضات الأولى (Evian)
أعلنت الحكومة المؤقتة في 3 مارس 1961 أن وقف إطلاق النار لن يتم إلا بالمفاوضات بين الحكومتين. وكان على الجانب الجزائري أحمد بومنجل والطيب بولحروف، وجورج بومبيدو Georges Pompidou وبرونو دولوس Bruno De Leus عن الوفد الفرنسي. وقـد اتفقوا عـلى بـدأ المفاوضات في إفيان مـن 20 مـاي إلى 13 جوان 1961، ثم توقفت نظرا لإسرار فرنسا على فصل الصحراء عن الجزائر (وهي إعادة إثارة الأسطورة القديمة أي الصحراء الفرنسية وفصلها عن الجزائر الأم، (لاسيما بعد إكتشاف ثرواتها النفطية) وكذلك إصرارها على منح الجنسية المزدوجة للأقلية الأوروبية في الجزائر مما يجعل منها دولة داخل دولة، وكذا تهديدها بتقسيم الجزائر إلى "قطاعات جزائرية" (Territoires Alg?riens)،مع الاحتفاظ ببعض القواعد العسكرية إلى الأبد.
وقد شهدت الجزائر أثناء هذه المفاوضات من الرابع إلى السابع يونيوتحركات سياسية ودبلوماسية كثيفة، لكن المفاوضات توقفت في 12 جوان "لأن فرنسا كان تريد في المفاوضات الأولى استقلالا شكليا مزيفا، مما أدى إلى تأجيل هذه المفاوضات إلى أجل غير مسمى، مع العلم أن إرادة دي غول وعزيمته الأولية والرئيسية هي: الحصول على توقيف عاجل للإطلاق النار، منذ مجيئه إلى الحكم.
كما كانت هناك بعض المبادرات من بعض الأقطار المجاورة للضغط على الحكومة الجزائرية للتنازل وقبول الحل الفرنسي.
لكن رد الفعل كان سريعا على هذا التدخل حيث قام الشعب الجزائري بمظاهرات مساندة للوفد ومنددة بالتعنت الفرنسي الذي يدل على سوء النية في إيجاد حل للقضية الجزائرية.
رابعا : مفاوضات "لوغران" (LUGRIN)
ثم استؤنفت المفاوضات في جويلية بـلوغران "LUGRIN" قرب الحدود السويسرية، واستمرت هذه المرة أكثر من أسبوع، ثم انقطعت من جديد من أجل إصرار فرنسا على فصل الصحراء باعتبار الصحراء مشكلة قائمة ستسوى هذه المرة فيما بعد بين الجزائر المستقلة وفرنسا، وكان ذلك في 20/07/1961.
خامسا: مفاوضات إيفيان الثانية EVIAN:
وأخيرا في 02 أكتوبر 1961 تراجع الجنرال دي غول عن رأيه في مؤتمر صحفي بضرورة التفاوض مع الجبهة على أساس استقلال الجزائر، كل الجزائر بما فيها الصحراء.
محمد ختاوي
- ادور الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية وتأثيرها على الحركات التحررية في العالم الثالث..02..
- ادور الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية وتأثيرها على الحركات التحررية في العالم الثالث..04..
- دور الدبلوماسية الجزائرية إبان الثورة التحريرية وتأثيرها على الحركات التحررية في العالم الثالث..01..
- من تاريخ الجزائر دور المرأة في الثورة التحريرية
- موقف الأحزاب الجزائرية من الثورة التحريرية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى