- بهيةعضو بارز
- الجنس :
عدد الرسائل : 1138
العمر : 52
مقر الإقامة : وسط المدينة تينركوك ولاية ادرار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
التقييم : 69
نقاط : 2069
ولايــة ورقــلة **تفاقم ظاهرة صعود المياه ..عن خبر اليومية
الإثنين أبريل 13, 2009 11:16 pm
تشير الدراسات التي أجريت من طرف الوكالة الوطنية للموارد المائية، ووكالة الحوض الهيدروغرافي لمنطقة الصحراء، حول الاحتياطيات المائية واستغلالها في المنطقة، إلى أن ساكن منطقة مثل ورفلة، يحصل نظريا على أكثر من ضعف متوسط ما يحصل عليه نظيره في باقي مناطق الوطن من الماء، وهو حوالي 150 لتر يوميا. كما تشير إلى أن منطقة الصحراء عموما ومنها ورفلة تستخرج سنويا أكثر من مليار ونصف مليار متر مكعب من المياه الباطنية، التي تذهب نسبة 80 بالمائة منها إلى قطاع الفلاحة، دون أن يقابل ذلك إنتاج فعلي معادل.
وتعكس هذه المعطيات التي تضاف إليها نسب الماء الموجهة للاستعمالين الصناعي والمنزلي، حجم الاستنزاف والاستغلال العشوائي وغير المحسوب الذي تتعرض له ثروة الماء في المنطقة، رغم كونها غير متجدّدة، في وقت تواجه فيه باقي أغلب المناطق في الشمال، وخاصة في الوسط والغرب، أزمـات حـادة ومزمنة في التزود بالماء، باتت تشكل مشكلا استراتيجيا، وفرضت اللجوء إلى بدائل أخرى مكلّفة جدا، بينها تحلية مياه البحر، لتأمين هامش من الاحتياجات.
ظاهرة صعود المياه مشكل خطير على العمران والنبات، ومعالجته مكلفة
تعتمد الفلاحة عموما في كل مناطق ورفلة كما في مناطق الجنوب، على طرق تقليدية في السقي، تتمثل في التعويم أو الإغراق، الذي يتم فيه استعمال كميات كبيرة جدا من المياه أغلبها يضيع دون جدوى.
ورغم دخول تقنيات حديثة في الري تضمن الاقتصاد في الماء كطريقة السقي بالتقطير، إلا أن دائرة انتشارها ما تزال ضيقة، لأسباب ترتبط بثقافة الفلاحين أكثر منها بوفرة أو تكلفة هذا البديل الفني الناجع، إذ ما تزال عقلية الفلاحين، وخاصة كبار السن منهم متمسّكة بطريقة الإغراق. ولم تهضم بعد هذه الطريقة الجديدة في السقي، رغم ما تتسبب فيه من تضييع لكميات هائلة من الماء، تتحول مع الوقت إلى مياه زائدة تطفو إلى السطح من جديد وتتسبّب مع المياه الأخرى المستعملة في ما يعرف بظاهرة صعود المياه، التي تتفاقم أكثر في الأحواض المنخفضة والمشبعة بالمياه مثل حوض ورفلة، وتصبح تشكل خطرا على النبات وخاصة واحات النخيل التي تموت تدريجيا، وعلى النسيج العمراني الذي يلحقه أذى الماء والرطوبة. الأمر الذي يفرض اعتماد حلول مكلفة جدا لتصريف المياه الزائدة نحو مناطق أبعد، كما يحدث حاليا في مشروع تطهير حوض ورفلة، الذي سيكلف عند إنهائه، أكثر من 2500 مليار سنتيم، مع استمرار بقاء استفهامات حول النتائج في حال استمرار فوضى استغلال المياه الباطنية.
الآبار الساخنة والآبار الباردة، وثقافة التبذير
شهدت ورفلة كما عديد ولايات الجهة منذ عدة سنوات، وخاصة في مطلع التسعينيات عملية حفر واسعة لآبار المياه اقتربت من الفوضى، وتراوحت كل تبريراتها من طرف المسؤولين محليا ومركزيا، بين الاحتياجات المتزايدة لمياه الشرب، وحاجة ''البرامج الفلاحية الكبرى والطموحة'' التي كانت في غالبها سياسية أكثر مما حققت جدوى ذات معنى كبير تقترب من معادلة حجم ما يتم بذله عليها من أموال وثروة مائية. فكانت النتيجة حفر مئات الآبار التي أضيفت إلى تلك التي كانت بترولية أو التي تم حفرها خصيصا للاستعمالات البترولية.
وتشير الأرقام حاليا إلى وجود 929 بئر باردة في ولاية ونحو33 بئرا ''ألبيانية''(Albien) أي (ساخنة)، تم حفرها كلها تحت عنوان احتياجات القطاع الفلاحي، تضاف إليها نحو 126 بئر أخرى للاستعمالات المنزلية، وعدد آخر غير معلوم للصناعة.
ويقابل كل هذا العدد من آبار المياه ندرة في الماء في أغلب المناطق، وتبذير خيالي في عديد المناطق الأخرى، خاصة في المناطق الفلاحية التي يستعمل فيها الماء مجانا، ولا يضبط استعماله إلا الخوف من الله بالنسبة للآبار الساخنة التي تقذف بالماء نحو السطح دون الحاجة إلى مضخات، أو الخوف من فاتورة الكهرباء التي تصبح مرتفعة جدا في حالة الآبار الباردة التي تستعمل فيها المضخات لاستخراج المياه، لتكون النتيجة بالإضافة إلى عدم تحصيل مردود معادل من المنتوج الفلاحي في كثير من الأحوال، استنزافا دائما ومبرمجا لثروة الماء الباطنية غير القابلة للتجدد.
المياه المنزلية: ربط فوضوي و غياب للعدادات، وتقويم جزافي يشجع على التبذير
إلى وقت قريب جدا كانت الفوضى والربط العشوائي وسرقة الماء، أشبه ما تكون بالقاعدة الشائعة والمسكوت عنها في مختلف مناطق ورفلة بما فيها المدن الكبرى مثل ورفلة أو توفرت، وكانت فروع شركة المياه التي لم يحاسبها احد يوما تضخ الماء، وتتعامل مع هذا الوضع ببرودة وسلبية كبيرة تعكس ثقافة عقلية ''البايلك'' وحجم اللاوعي بخطورة ما يحدث في التعامل مع الماء كعطاء نادر في منطقة صحراوية.
وحتى في الحالات التي يوجد فيها العداد، فقلما كانت شركة الماء تقلق نفسها في تحصيل مقابل الاستهلاك لأسباب مختلفة، تتراوح بين رفض عديد المشتركين من خواص نافذين أو مؤسسات عمومية للدفع، وبين اعتماد بعض عناصر فرقها ''انتقائية في الصرامة مع المشتركين في تحصيل المستحقات''. الأمر الذي أسس لشيوع ثقافة رفض الدفع عند عموم المشتركين، إما عنادا وإما احتجاجا على قلة وعدم انتظام وصول الماء إلى حنفياتهم، ما أوصل حجم ديون الشركة لدى زبائنها إلى أكثر من مليار و200 مليون سنتيم.
ورغم محاولة مؤسسة الجزائرية للمياه منذ إنشائها، تطويق هذه الظاهرة من خلال توسيع دائرة الثقافة بجريمة سرقة الماء، ومحاولة تركيب أكبر عدد ممكن من العدادات للمشتركين لتثمين ومراقبة الاستهلاك، لم يتجاوز عدد المشتركين المربوطين بعدادات في مجموع مناطق الولاية حتى الآن، 37 ألفا، حسب الأرقام التي أفادتنا بها مديرية الري، التي لاحظ مديرها أن مصالحه دعمت الشركة بنحو 27 ألف عداد جديد، قصد تدعيم إمكانياتها في التحكم في توزيع الماء. وهي معطيات تؤشر على مدى العجز الذي يبقى قائما في الموضوع، خاصة في المناطق الريفية مثل دوائر الطيبات والمقارين وتماسين وانقوسة والحجيرة، التي يبقى مشكل تسيير الماء فيها غير متحكم فيه تماما، وتطبعه فوضى الربط وجزافية التقويم، وكثرة التبذير.
كل الأحياء والمناطق تشتكي من مشكل انعدام الماء
يقابل هذه الوفرة الكبيرة في الماء في مختلف جهات ولاية ورفلة، شكوى دائمة من طرف المواطنين من انقطاع الماء عنهم بالأيام وفي حالات أخرى بالأسابيع. الأمر قد يبدو غريبا، ولكن هذا هو الواقع؛ فإلى جانب الأحياء الحضرية في ورفلة وتوفرت الكبرى وحاسي مسعود التي طالما اشتكى المواطنون فيها صيفا وشتاء من شح الماء، واجتهدوا في تحصيله، وخرجوا بسببه إلى الشارع عدة مرات للاحتجاج وحمل المسؤولين، كما هي العادة، على التدخل بالحلول الترقيعية التي سرعان ما يفضحها عامل الزمن.
انتقلت عدوى المعاناة إلى الريف مثل الحجيرة والمنقر والطيبات، وحتى قرى انقوسة، وأصبح المشكل غاية في التعقيد بالنسبة للمسؤولين المحليين الذين بات مطلوبا منهم إيجاد الحلول سريعا. وهو السياق الذي يمكن أن تسجل فيه استفادة المنطقة في إطار برنامج تنمية مناطق الجنوب من 29 بئرا جديدا، بالإضافة إلى عمليات مرافقة خاصة في منطقة توفرت بينها حفر بئر جديد وتفعيل عملية الربط بالقناة الرئيسية للتوزيع لإمداد الشبكات في كل المنطقة.
غير أن التوتر القائم بين المواطنين وشركة المياه يبدو أكثر تعقيدا خاصة عندما تطرح مسالة دفع المستحقات وتسوية ما تسميه شركة الماء بالديون السابقة المتراكمة على المستهلكين. فالشركة تعتقد، مستندة في ذلك إلى ما لديها من وثائق وفواتير وأرقام استهلاك جزافية أو مأخوذة من العدادات، بأن لها الحق في مطالبة المشتركين بمستحقات مقابل الاستهلاك المترتبة عليهم منذ مدة، وتتحدث عن وجود أكثر من مليار و200 مليون سنتيم، والمواطنون المعنيون، الذين كثيرا ما عانوا من أزمة الماء خاصة أيام الحر الشديد، يرفضون هذه الفكرة من أساسها ويتهمون الشركة بـ''بيع الريح''، كما يقولون، في إشارة إلى حساب العداد رغم عدم وجود الماء، والنتيجة تبقى أزمة متواصلة تلازمها اتهامات متبادلة بين المواطن وشركة الماء.
نوعية المياه وعذوبتها، وصلاحيتها لاستهلاك شيء آخر...
بات معروفا وشائعا في كل أرجاء ورفلة، أن مياه الحنفية ''ليست طيبة ولا عذبة ولا تصلح للطهي، وفيها نسبة ملوحة عالية، وربما تكون مضرة''. ولذلك بات الناس منذ عدة سنوات يعتمدون في تامين احتياجاتهم من مياه الشرب والطهي، على شاحنات الصهاريج التي تبيع الماء ''الحلو'' الذي تجلبه من مناطق حاسي الفحل، وبئر العاتر أو من إحدى محطات التصفية التابعة لأحد الخواص في ورفلة، بسعر دينار ونصف دينار في المتوسط.
وتشير المعطيات التقديرية المتاحة في هذا الشأن إلى أن مدينة ورفلة وضواحيها وحدها يوجد بها أكثر من 60 بائعا للماء، بعدد كبير من شاحنات الصهاريج التي تؤمن للمدينة يوميا أكثر من 400 ألف لتر، يضاف إليها ما تحتاجه الثكنات العسكرية وقواعد حياة الشركات، وتكاد هذه المعطيات نفسها تنسحب على منطقتي توفرت وحاسي مسعود اللتين تتميزان أيضا بثقل سكاني كبير ونسيج من الشركات الكبرى.
كما تعتبر ولاية ورفلة من أكثر المناطق استهلاكا للمياه المعدنية، حيث يوجد بها عشرات الموزعين لكل ''ماركات'' هذه المياه، وتتعقد مشكلة الماء أكثر كلما زحف موسم الحرارة الذي يمتد إلى قرابة نصف السنة في المنطقة. وهي كلها معطيات في غير صالح المواطن المسكين الذي يصبح مفروضا عليه تحمل أعباء إضافية ثقيلة بسبب شراء الماء، تضاف إلى ما يتحمله من أعباء أخرى يفرضها الغلاء في كل شيء.
ورغم ميل كل الهيئات الرسمية المخبرية والإدارية إلى تأكيد صلاحية مياه الحنفية للاستهلاك، وخضوعها إلى كل إجراءات المراقبة الصحية والمعالجة، إلا أن الميل إلى الاعتماد المكثف على المياه التي تباع بالصهاريج، عمق الشكوك في أذهان الناس في مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري.
مشاريع محطات التحلية مجمدة إلى أجل غير معلوم
يسمع المواطنون في ورفلة وتوفرت منذ ثلاث سنوات على الأقل، عن وجود مشاريع كبرى خاصة بإنجاز محطات لتحلية المياه، ستكلف الملايير، وستوفر ماء عذبا وصافيا وصحيا للمواطنين، وتحدث التوازن المطلوب في السعر بما يخفف من عبء الثقل الذي يتحمّله الناس.
وحسب معطيات رسمية، فإن ولاية ورفلة استفادت منذ سنة 2005 من برنامج خاص لإنجاز محطات لتحلية المياه، تفصيله إنشاء تسع محطات تحلية بمنطقة ورفلة وواحدة في توفرت، كانت قد انطلقت منذ مدة وتبقى تواجه مشاكل تقنية عطلت الشروع في استغلالها. وقد حدد سقف الإنتاج النظري من المياه المعالجة من طرف هذه المحطات بنحو 100 ألف متر مكعب يوميا.
غير أن هذه المشاريع التي برمجت لتقدم ''الحل السحري'' لمعضلة الماء في ورفلة، ما تزال تراوح مكانها على الورق، بحيث لم تنطلق بعد، لأسباب يقال إنها تقنية بحتة، تتعلق بالتسيير والصيانة البعدية، وهي مبررات لا يفهمها المواطن، ولا يريد هضمها؛ لأنه يعتقد أن همه هذا يبقى يجدول حسب الحاجة إلى توظيفه سياسيا وانتخابيا من طرف المسؤولين، كما يبقى في هامش اهتماماتهم لأنهم يشربون المياه المعدنية، وربما يستحم بعضهم بها، في وقت يبقى مئات الآلاف من البسطاء يعانون في صمت، بعضهم يشتري الماء، والبقية يشربون المالح وحتى الملوّث في انتظار أيام أحسن يتمنون ألا تتأخر كثيرا.
وتعكس هذه المعطيات التي تضاف إليها نسب الماء الموجهة للاستعمالين الصناعي والمنزلي، حجم الاستنزاف والاستغلال العشوائي وغير المحسوب الذي تتعرض له ثروة الماء في المنطقة، رغم كونها غير متجدّدة، في وقت تواجه فيه باقي أغلب المناطق في الشمال، وخاصة في الوسط والغرب، أزمـات حـادة ومزمنة في التزود بالماء، باتت تشكل مشكلا استراتيجيا، وفرضت اللجوء إلى بدائل أخرى مكلّفة جدا، بينها تحلية مياه البحر، لتأمين هامش من الاحتياجات.
ظاهرة صعود المياه مشكل خطير على العمران والنبات، ومعالجته مكلفة
تعتمد الفلاحة عموما في كل مناطق ورفلة كما في مناطق الجنوب، على طرق تقليدية في السقي، تتمثل في التعويم أو الإغراق، الذي يتم فيه استعمال كميات كبيرة جدا من المياه أغلبها يضيع دون جدوى.
ورغم دخول تقنيات حديثة في الري تضمن الاقتصاد في الماء كطريقة السقي بالتقطير، إلا أن دائرة انتشارها ما تزال ضيقة، لأسباب ترتبط بثقافة الفلاحين أكثر منها بوفرة أو تكلفة هذا البديل الفني الناجع، إذ ما تزال عقلية الفلاحين، وخاصة كبار السن منهم متمسّكة بطريقة الإغراق. ولم تهضم بعد هذه الطريقة الجديدة في السقي، رغم ما تتسبب فيه من تضييع لكميات هائلة من الماء، تتحول مع الوقت إلى مياه زائدة تطفو إلى السطح من جديد وتتسبّب مع المياه الأخرى المستعملة في ما يعرف بظاهرة صعود المياه، التي تتفاقم أكثر في الأحواض المنخفضة والمشبعة بالمياه مثل حوض ورفلة، وتصبح تشكل خطرا على النبات وخاصة واحات النخيل التي تموت تدريجيا، وعلى النسيج العمراني الذي يلحقه أذى الماء والرطوبة. الأمر الذي يفرض اعتماد حلول مكلفة جدا لتصريف المياه الزائدة نحو مناطق أبعد، كما يحدث حاليا في مشروع تطهير حوض ورفلة، الذي سيكلف عند إنهائه، أكثر من 2500 مليار سنتيم، مع استمرار بقاء استفهامات حول النتائج في حال استمرار فوضى استغلال المياه الباطنية.
الآبار الساخنة والآبار الباردة، وثقافة التبذير
شهدت ورفلة كما عديد ولايات الجهة منذ عدة سنوات، وخاصة في مطلع التسعينيات عملية حفر واسعة لآبار المياه اقتربت من الفوضى، وتراوحت كل تبريراتها من طرف المسؤولين محليا ومركزيا، بين الاحتياجات المتزايدة لمياه الشرب، وحاجة ''البرامج الفلاحية الكبرى والطموحة'' التي كانت في غالبها سياسية أكثر مما حققت جدوى ذات معنى كبير تقترب من معادلة حجم ما يتم بذله عليها من أموال وثروة مائية. فكانت النتيجة حفر مئات الآبار التي أضيفت إلى تلك التي كانت بترولية أو التي تم حفرها خصيصا للاستعمالات البترولية.
وتشير الأرقام حاليا إلى وجود 929 بئر باردة في ولاية ونحو33 بئرا ''ألبيانية''(Albien) أي (ساخنة)، تم حفرها كلها تحت عنوان احتياجات القطاع الفلاحي، تضاف إليها نحو 126 بئر أخرى للاستعمالات المنزلية، وعدد آخر غير معلوم للصناعة.
ويقابل كل هذا العدد من آبار المياه ندرة في الماء في أغلب المناطق، وتبذير خيالي في عديد المناطق الأخرى، خاصة في المناطق الفلاحية التي يستعمل فيها الماء مجانا، ولا يضبط استعماله إلا الخوف من الله بالنسبة للآبار الساخنة التي تقذف بالماء نحو السطح دون الحاجة إلى مضخات، أو الخوف من فاتورة الكهرباء التي تصبح مرتفعة جدا في حالة الآبار الباردة التي تستعمل فيها المضخات لاستخراج المياه، لتكون النتيجة بالإضافة إلى عدم تحصيل مردود معادل من المنتوج الفلاحي في كثير من الأحوال، استنزافا دائما ومبرمجا لثروة الماء الباطنية غير القابلة للتجدد.
المياه المنزلية: ربط فوضوي و غياب للعدادات، وتقويم جزافي يشجع على التبذير
إلى وقت قريب جدا كانت الفوضى والربط العشوائي وسرقة الماء، أشبه ما تكون بالقاعدة الشائعة والمسكوت عنها في مختلف مناطق ورفلة بما فيها المدن الكبرى مثل ورفلة أو توفرت، وكانت فروع شركة المياه التي لم يحاسبها احد يوما تضخ الماء، وتتعامل مع هذا الوضع ببرودة وسلبية كبيرة تعكس ثقافة عقلية ''البايلك'' وحجم اللاوعي بخطورة ما يحدث في التعامل مع الماء كعطاء نادر في منطقة صحراوية.
وحتى في الحالات التي يوجد فيها العداد، فقلما كانت شركة الماء تقلق نفسها في تحصيل مقابل الاستهلاك لأسباب مختلفة، تتراوح بين رفض عديد المشتركين من خواص نافذين أو مؤسسات عمومية للدفع، وبين اعتماد بعض عناصر فرقها ''انتقائية في الصرامة مع المشتركين في تحصيل المستحقات''. الأمر الذي أسس لشيوع ثقافة رفض الدفع عند عموم المشتركين، إما عنادا وإما احتجاجا على قلة وعدم انتظام وصول الماء إلى حنفياتهم، ما أوصل حجم ديون الشركة لدى زبائنها إلى أكثر من مليار و200 مليون سنتيم.
ورغم محاولة مؤسسة الجزائرية للمياه منذ إنشائها، تطويق هذه الظاهرة من خلال توسيع دائرة الثقافة بجريمة سرقة الماء، ومحاولة تركيب أكبر عدد ممكن من العدادات للمشتركين لتثمين ومراقبة الاستهلاك، لم يتجاوز عدد المشتركين المربوطين بعدادات في مجموع مناطق الولاية حتى الآن، 37 ألفا، حسب الأرقام التي أفادتنا بها مديرية الري، التي لاحظ مديرها أن مصالحه دعمت الشركة بنحو 27 ألف عداد جديد، قصد تدعيم إمكانياتها في التحكم في توزيع الماء. وهي معطيات تؤشر على مدى العجز الذي يبقى قائما في الموضوع، خاصة في المناطق الريفية مثل دوائر الطيبات والمقارين وتماسين وانقوسة والحجيرة، التي يبقى مشكل تسيير الماء فيها غير متحكم فيه تماما، وتطبعه فوضى الربط وجزافية التقويم، وكثرة التبذير.
كل الأحياء والمناطق تشتكي من مشكل انعدام الماء
يقابل هذه الوفرة الكبيرة في الماء في مختلف جهات ولاية ورفلة، شكوى دائمة من طرف المواطنين من انقطاع الماء عنهم بالأيام وفي حالات أخرى بالأسابيع. الأمر قد يبدو غريبا، ولكن هذا هو الواقع؛ فإلى جانب الأحياء الحضرية في ورفلة وتوفرت الكبرى وحاسي مسعود التي طالما اشتكى المواطنون فيها صيفا وشتاء من شح الماء، واجتهدوا في تحصيله، وخرجوا بسببه إلى الشارع عدة مرات للاحتجاج وحمل المسؤولين، كما هي العادة، على التدخل بالحلول الترقيعية التي سرعان ما يفضحها عامل الزمن.
انتقلت عدوى المعاناة إلى الريف مثل الحجيرة والمنقر والطيبات، وحتى قرى انقوسة، وأصبح المشكل غاية في التعقيد بالنسبة للمسؤولين المحليين الذين بات مطلوبا منهم إيجاد الحلول سريعا. وهو السياق الذي يمكن أن تسجل فيه استفادة المنطقة في إطار برنامج تنمية مناطق الجنوب من 29 بئرا جديدا، بالإضافة إلى عمليات مرافقة خاصة في منطقة توفرت بينها حفر بئر جديد وتفعيل عملية الربط بالقناة الرئيسية للتوزيع لإمداد الشبكات في كل المنطقة.
غير أن التوتر القائم بين المواطنين وشركة المياه يبدو أكثر تعقيدا خاصة عندما تطرح مسالة دفع المستحقات وتسوية ما تسميه شركة الماء بالديون السابقة المتراكمة على المستهلكين. فالشركة تعتقد، مستندة في ذلك إلى ما لديها من وثائق وفواتير وأرقام استهلاك جزافية أو مأخوذة من العدادات، بأن لها الحق في مطالبة المشتركين بمستحقات مقابل الاستهلاك المترتبة عليهم منذ مدة، وتتحدث عن وجود أكثر من مليار و200 مليون سنتيم، والمواطنون المعنيون، الذين كثيرا ما عانوا من أزمة الماء خاصة أيام الحر الشديد، يرفضون هذه الفكرة من أساسها ويتهمون الشركة بـ''بيع الريح''، كما يقولون، في إشارة إلى حساب العداد رغم عدم وجود الماء، والنتيجة تبقى أزمة متواصلة تلازمها اتهامات متبادلة بين المواطن وشركة الماء.
نوعية المياه وعذوبتها، وصلاحيتها لاستهلاك شيء آخر...
بات معروفا وشائعا في كل أرجاء ورفلة، أن مياه الحنفية ''ليست طيبة ولا عذبة ولا تصلح للطهي، وفيها نسبة ملوحة عالية، وربما تكون مضرة''. ولذلك بات الناس منذ عدة سنوات يعتمدون في تامين احتياجاتهم من مياه الشرب والطهي، على شاحنات الصهاريج التي تبيع الماء ''الحلو'' الذي تجلبه من مناطق حاسي الفحل، وبئر العاتر أو من إحدى محطات التصفية التابعة لأحد الخواص في ورفلة، بسعر دينار ونصف دينار في المتوسط.
وتشير المعطيات التقديرية المتاحة في هذا الشأن إلى أن مدينة ورفلة وضواحيها وحدها يوجد بها أكثر من 60 بائعا للماء، بعدد كبير من شاحنات الصهاريج التي تؤمن للمدينة يوميا أكثر من 400 ألف لتر، يضاف إليها ما تحتاجه الثكنات العسكرية وقواعد حياة الشركات، وتكاد هذه المعطيات نفسها تنسحب على منطقتي توفرت وحاسي مسعود اللتين تتميزان أيضا بثقل سكاني كبير ونسيج من الشركات الكبرى.
كما تعتبر ولاية ورفلة من أكثر المناطق استهلاكا للمياه المعدنية، حيث يوجد بها عشرات الموزعين لكل ''ماركات'' هذه المياه، وتتعقد مشكلة الماء أكثر كلما زحف موسم الحرارة الذي يمتد إلى قرابة نصف السنة في المنطقة. وهي كلها معطيات في غير صالح المواطن المسكين الذي يصبح مفروضا عليه تحمل أعباء إضافية ثقيلة بسبب شراء الماء، تضاف إلى ما يتحمله من أعباء أخرى يفرضها الغلاء في كل شيء.
ورغم ميل كل الهيئات الرسمية المخبرية والإدارية إلى تأكيد صلاحية مياه الحنفية للاستهلاك، وخضوعها إلى كل إجراءات المراقبة الصحية والمعالجة، إلا أن الميل إلى الاعتماد المكثف على المياه التي تباع بالصهاريج، عمق الشكوك في أذهان الناس في مدى صلاحيتها للاستهلاك البشري.
مشاريع محطات التحلية مجمدة إلى أجل غير معلوم
يسمع المواطنون في ورفلة وتوفرت منذ ثلاث سنوات على الأقل، عن وجود مشاريع كبرى خاصة بإنجاز محطات لتحلية المياه، ستكلف الملايير، وستوفر ماء عذبا وصافيا وصحيا للمواطنين، وتحدث التوازن المطلوب في السعر بما يخفف من عبء الثقل الذي يتحمّله الناس.
وحسب معطيات رسمية، فإن ولاية ورفلة استفادت منذ سنة 2005 من برنامج خاص لإنجاز محطات لتحلية المياه، تفصيله إنشاء تسع محطات تحلية بمنطقة ورفلة وواحدة في توفرت، كانت قد انطلقت منذ مدة وتبقى تواجه مشاكل تقنية عطلت الشروع في استغلالها. وقد حدد سقف الإنتاج النظري من المياه المعالجة من طرف هذه المحطات بنحو 100 ألف متر مكعب يوميا.
غير أن هذه المشاريع التي برمجت لتقدم ''الحل السحري'' لمعضلة الماء في ورفلة، ما تزال تراوح مكانها على الورق، بحيث لم تنطلق بعد، لأسباب يقال إنها تقنية بحتة، تتعلق بالتسيير والصيانة البعدية، وهي مبررات لا يفهمها المواطن، ولا يريد هضمها؛ لأنه يعتقد أن همه هذا يبقى يجدول حسب الحاجة إلى توظيفه سياسيا وانتخابيا من طرف المسؤولين، كما يبقى في هامش اهتماماتهم لأنهم يشربون المياه المعدنية، وربما يستحم بعضهم بها، في وقت يبقى مئات الآلاف من البسطاء يعانون في صمت، بعضهم يشتري الماء، والبقية يشربون المالح وحتى الملوّث في انتظار أيام أحسن يتمنون ألا تتأخر كثيرا.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى