- بهيةعضو بارز
- الجنس :
عدد الرسائل : 1138
العمر : 52
مقر الإقامة : وسط المدينة تينركوك ولاية ادرار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
التقييم : 69
نقاط : 2069
غرداية أصبحت المدينة الأكثـر كثافة سكانية في الجنوب
الجمعة مارس 20, 2009 4:46 pm
يشبه الازدحام المروري والاكتظاظ غير المعقول في مدينة غرداية ما يقع في أكبر مدن الجزائر وعلى رأسها العاصمة، بفارق واحد هو أن هذه المدينة
الصحراوية المزدحمة لا يفوق عدد سكانها 200 ألف نسمة.
علّق فرنسي زار غرداية منذ عامين قائلا ''لن يجد السائح الأجنبي في غرداية، اليوم وفي المستقبل، غير الشوارع المزدحمة بالسيارات ومئات المحلات المتخصصة في بيع السلع الصينية والآسيوية''. وقد كانت علامات الدهشة بادية على الرجل الذي كان يشتغل مسيّرا لشركة سياحة فرنسية وقد غاب عن غرداية لأكثر من 20 سنة.
غرداية كانت الواجهة السياحية للجزائر إلى غاية بداية التسعينات
منذ عدة أسابيع قرر فوج سياحي من عدة جنسيات إلغاء غرداية من برنامج رحلته في الجنوب الجزائري الكبير، وقال مسؤول الوكالة السياحية التي نظمت الرحلة آنذاك إن الأجانب لم يجدوا أية راحة في غرداية بعد أن زاروا بلدة بني يزفن وأعجبوا بها. أما اليوم فيرفض آلاف السياح الأجانب من زاروا الجنوب الجزائري البقاء بغرداية لأكثر من يوم واحد. وفي بعض الحالات يرفض السياح الأجانب حتى فكرة الدخول إلى المدينة، بحسب أصحاب وكالات سياحية.
ويؤكد كل هذا حتما فشل مسؤولي غرداية في إعادة بريق المدينة كوجهة سياحية. فحسب العديد من المختصين، فإن أزمة السياحة تفاقمت منذ بداية التسعينات دون أن تظهر أية آمال في انتهائها في القريب العاجل، ''فلا وجود لأية مؤشرات في إنهائها من قبل الدولة التي تبدو غير جادة''، حسبهم، ويبررون ذلك أنه وبعد 15 عاما من إرجاع الفشل في جذب السياح الأجانب إلى الوضع الأمني السيئ، ''لم يحمل عهد الاستقرار الأمني أي جديد''.
من جانبه رفض مسيّر وكالة سياحية محلية من غرداية، الفكرة التي يتداولها المسؤولون حول القطاع، ومفادها أن أزمة السياحة بغرداية تعود لغياب الإشهار للمدينة.
فالأزمة، حسب المتحدث، أكبر وأضخم من هذا المبرر السهل، ''ويجب الاعتراف أن غرداية الآن مرفوضة من السائح لأجنبي''، يضيف محدثنا الذي يتساءل ''ماذا سيجد السائح الباحث عن الراحة والراغب في الاستجمام والتنزه؟''، إذ يصعب العثور في المدينة على محل لبيع المنتجات التقليدية، بعد تحوّل العشرات من محلات الحرفيين إلى متاجر للآلات الإلكترونية المقلدة والألبسة، وتدهور قطاع الصناعة التقليدية، وتحوّل غرداية إلى مدينة شديدة الازدحام، واختفاء الواحة التقليدية القديمة، التي كانت مكانا مفضلا يزوره السياح، وعدم ملاءمة هياكل الإيواء السياحي المحترمة، والقادرة على تقديم خدمات مقنعة لزوار المدينة بالإقامة فيها لبعض الوقت.
ومن جهة هياكل الاستقبال السياحي، فإن وضعها لم يتقدم إلى الأمام في مجال توفير المرافق، إلا بمقدار ما تدهور به مستوى الخدمة المقدمة، حسب ''ج. طاهر''. وهو إطار في مؤسسة سياحية عمومية، الذي يقول إن ''أغلب المقاهي والمطاعم في غرداية لا تتطابق مع المقاييس السياحية الدولية، بل إن بعضها لا يتطابق حتى مع أبسط معايير احترام النظافة''.
كما تغيب الرقابة في أغلب الأحيان عن الفنادق الخاصة، حيث لا تتطابق أبدا الأسعار المفروضة مع مستوى الخدمات الرديء جدا، ففي أحد الفنادق ''السياحية'' حددت إدارة الفندق قيمة إيجار غرفة واحدة لا تفوق مساحتها 6 متر مربع بـ2000 دينار لليلة الواحدة، أي أن صاحب هذا الفندق يجني 2000دج كل ليلة من ''غرفة مرقد'' لا تصلح للخدمة في فندق بمدينة سياحية.
وتتزايد شكاوى نزلاء بعض الفنادق من غياب النظافة ونقص الماء والتكييف وغيرها من المشاكل. أما في المطاعم فإن ''عاصمة السياحة في الجزائر'' لا تضم سوى مطعمين سياحيين فقط. وفيما يخص باقي المرافق فتغيب عنها أبسط متطلبات الخدمة السياحية الدولية.
ومعلوم أن لجنة دعم الاستثمار الولائية بغرداية، كانت قد صادقت في السنوات الـ10الأخيرة على 5 مشاريع سياحية في بلدية غرداية لوحدها، حصل أصحابها على قطع أرض متميزة، ولم يباشروا أي استثمار سياحي، ولم يتحرك أحد للبحث في سبب توقف هذه المشاريع بعد أن حصل أصحابها على الأرض اللازمة، ولا يبدو، حسب الوقائع الموجودة، أن المسؤولين حتى في أعلى المستويات يرغبون الآن في دفع السياحة إلى الأمام بغرداية، أين كان قطاع السياحة يوفر أكثر من 30 بالمائة من مناصب الشغل الثابتة المباشرة.
200 ألف نسمة في منطقة لا تزيد عن 200 كلم مربع
بلغ حجم الاكتظاظ في عاصمة ولاية غرداية حدودا لم تشهدها أي من مدن الجنوب الجزائري، ويتركز سكان يصل عددهم إلى200 ألف نسمة، في منطقة لا تزيد مساحتها الفعلية عن الـ200 كلم مربع.
ويعيش في حي ثنية المخزن لوحده بين 15 و20 ألف نسمة في مساحة 2 كلم مربع، ويتفاقم مشكل الاختناق المروري والاكتظاظ في عاصمة ولاية غرداية دون أن تتدخل السلطات المحلية والمركزية لحله. بل إن منتخبين محليين وناشطين في جمعيات مختلفة يحمّلون مسؤولية الوضع الكارثي الحالي لمسيّري ولاية غرداية في العشرين سنة الماضية.
وحتى اليوم فإن كل الإجراءات المتخذة في مجال تسيير مدينة غرداية وإقامة المشاريع السكنية والمرافق الإدارية، تساهم في زيادة حجم الاكتظاظ بغرداية.
وقال ''ب. سعيد''، وهو رئيس جمعية من بلدية غرداية إنه و''منذ أكثر من 10 سنوات حذرت جمعيات محلية مختلفة ومنتخبون من خطورة إنشاء حي سكني جديد في منطقة التوسع في بوهراوة، وقالت إن إنشاء حي جديد في هضبة بوهراوة يعني خنق سهل وادي مزاب ومنعه من التنفس وتحويل المياه القذرة في هذه الهضبة إلى سهل واد مزاب التاريخي''، وأضاف محدثنا أنه و''رغم هذا قرر المسؤولون بناء أكثر من 2400 وحدة سكنية في الحي ومعها أكثر من 10 مرافق إدارية، كان يمكن بها خلق تجمع سكني جديد في منطقة واد نشو وتعمير مدينة بديلة يمكنها تقليص مشكلة الازدحام في سهل واد مزاب''.
من جانبه قال رئيس جمعية البيئة الخضراء إن غرداية تشهد أعلى نسب الإصابة بأمراض القلب والربو وارتفاع ضغط الدم والسكري بين مدن الجنوب والسهوب، حيث تم إحصاء أكثر من 10 آلاف إصابة بمرض السكري وعدة آلاف من حالات مرض القلب وضغط الدم، بين سكان لا يفوق عددهم الـ200 ألف نسمة. وحسبه فإن هذه الأمراض ترتبط أساسا بسكان المدن الكبرى أين تتفاقم ضغوط الحياة اليومية وتكثر مشاكل الازدحام.
أما عضو المجلس الشعبي الولائي السابق السيد ''خ، قاسم'' فقد أوضح أن ''الإدارة بغرداية تسير من فشل لآخر في التعامل مع مسألة التخفيف من الاكتظاظ في إحدى أكثر المدن ازدحاما في كل الجنوب الجزائري''.
وتقترب الكثافة السكانية من ألف شخص في الكيلومتر المربع الواحد. وهي نسبة غير معقولة بالمطلق في مدينة تقع بالصحراء الكبرى، حيث الأراضي الشاسعة متاحة ولا تطرح أي مشكل.
وحتى هذه النسبة قد تبدو غير واقعية، حيث تغيب بصفة كلية الإحصاءات الرسمية حول عدد المقيمين في مدينة غرداية من دون الحصول على شهادات الإقامة التي باتت بلديات سهل وادي مزاب الثلاث تتشدد في منحها.
وبالرغم من هذا فإن الكثافة الواقعية كبيرة بحساب المقيمين من غير الحاصلين على شهادة الإقامة وإضافتهم للعدد الفعلي للسكان.
سعر كراء البيوت يقترب مما هو موجود في مدن الشمال الكبرى
وأسفر الوضع الحالي عن ارتفاع سعر كراء البيوت في وسط المدينة إلى مستويات تقترب مما هو موجود في مدن الشمال الكبرى مثل العاصمة ووهران، فيما وصل سعر المتر المربع من أراضي البناء إلى مابين الـ10 والـ40 مليون سنتيم، حسب طبيعة الموقع إن كان قابلا للاستغلال في مشاريع تجارية. وقد جعلت الأسعار والي غرداية السابق يعلق على الوضعية بالقول إن أسعار الأراضي في غرداية تساوي أسعارها في بلدية حيدرة. وساهمت الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة ووجود الأراضي المنبسطة الصالحة للاستغلال في البناء في منطقة سهل شديد الضيق لا يزيد عرضه في بعض المحاور عن كيلومتر واحد، في تفاقم هذه المشكلة.
وبدلا من إخراج الأنشطة والإدارات من منطقة غرداية القديمة وحتى المشاريع السكنية منها، ما تزال السياسة ذاتها التي أدت إلى تحويل غرداية إلى مدينة يستحيل تحمل ضغط الاكتظاظ فيها متواصلة، حيث تستمر الإدارة في زيادة عدد المشاريع في داخل سهل وادي مزاب، بل وفي الجهة الأكثر اكتظاظا، حيث تقرر منذ مدة البدء في إنجاز مقر للمجلس الشعبي الولائي في بستان مجاور لمقر ولاية غرداية.
كما أن المفارقة التي لم يجد لها عدد من ممثلي المجتمع المدني تفسيرا، تكمن في أن مقر مجلس قضاء غرداية الحالي هو في الأصل ملكية لولاية غرداية، وقد تقرر مؤخرا كذلك البدء في إنجاز مقر جديد لمجلس القضاء، ما يعني أن المقر الحالي ستعود ملكيته للولاية مجددا، وبالإمكان، حسب حتى عدد من أعضاء المجلس الولائي، استخدامه كمقر للمجلس الولائي مستقبلا. وهنا تكمن المفارقة، حيث تتخذ الإدارة إجراءات تساهم في اكتظاظ المدينة وليس العكس. وليس هذا بالغريب، حيث تم منذ سنوات قليلة إنجاز مديريتي الشباب والرياضة والشؤون الدينية وعدد كبير من السكنات المخصصة للإطارات وهياكل إدارية أخرى في المرتفعات القريبة من قلب المدينة رغم معارضة عدد من المنتخبين لهذا الإجراء. وقال ''باحمد. ج'' المهندس المختص في العمران ورئيس مكتب دراسات بالعاصمة إن ''الإدارة المحلية تواجه اليوم وفي المستقبل القريب مشكل الاكتظاظ في منطقة لا يجوز أن يطرح بها هذا المشكل أساسا، لو تم تسيير العمران في هذه الجهة في السنوات العشرين الماضية بطريقة علمية ومنهجية''.
وحسب مسؤولي مكاتب دراسات محلية تحدثنا إليهم في نفس الموضوع، فإن مسؤولي الولاية يتحملون وزر الوضع الحالي من ناحية الإصرار ''غير المفهوم'' على حصر كل المرافق الإدارية داخل سهل واد مزاب، حيث يؤدي وجودها للاختناق.
ومن المرجح أن تبقى المدينة الجديدة في النومرات المنشأة خصيصا لتحويل الاكتظاظ السكاني عن مدينة غرداية على حالها، في وقت يتركز الاهتمام حاليا على تعمير ما تبقى من الأراضي في قلب غرداية وإزالة الواحات أو تعمير منطقة بوهراوة. بينما لم تستفد منطقة المدينة الجديدة في النومرات من أي مشروع منشأة إدارية جديدة، ما يدفع لطرح أكثر من تساؤل، إذ تعاني المدينة الجديدة في النومرات من غياب كلي للاهتمام الذي يتركز حاليا في جهات أخرى، الأمر الذي دفع البعض للتعليق على هذا الواقع ''بأن إنجاز مدينة جديدة يحتاج لعشر سنوات بينما من الواجب أن تظهر نتيجة العمل في سنة أو سنتين فقط''.
عن الخبر اليومية الجزائر
الصحراوية المزدحمة لا يفوق عدد سكانها 200 ألف نسمة.
علّق فرنسي زار غرداية منذ عامين قائلا ''لن يجد السائح الأجنبي في غرداية، اليوم وفي المستقبل، غير الشوارع المزدحمة بالسيارات ومئات المحلات المتخصصة في بيع السلع الصينية والآسيوية''. وقد كانت علامات الدهشة بادية على الرجل الذي كان يشتغل مسيّرا لشركة سياحة فرنسية وقد غاب عن غرداية لأكثر من 20 سنة.
غرداية كانت الواجهة السياحية للجزائر إلى غاية بداية التسعينات
منذ عدة أسابيع قرر فوج سياحي من عدة جنسيات إلغاء غرداية من برنامج رحلته في الجنوب الجزائري الكبير، وقال مسؤول الوكالة السياحية التي نظمت الرحلة آنذاك إن الأجانب لم يجدوا أية راحة في غرداية بعد أن زاروا بلدة بني يزفن وأعجبوا بها. أما اليوم فيرفض آلاف السياح الأجانب من زاروا الجنوب الجزائري البقاء بغرداية لأكثر من يوم واحد. وفي بعض الحالات يرفض السياح الأجانب حتى فكرة الدخول إلى المدينة، بحسب أصحاب وكالات سياحية.
ويؤكد كل هذا حتما فشل مسؤولي غرداية في إعادة بريق المدينة كوجهة سياحية. فحسب العديد من المختصين، فإن أزمة السياحة تفاقمت منذ بداية التسعينات دون أن تظهر أية آمال في انتهائها في القريب العاجل، ''فلا وجود لأية مؤشرات في إنهائها من قبل الدولة التي تبدو غير جادة''، حسبهم، ويبررون ذلك أنه وبعد 15 عاما من إرجاع الفشل في جذب السياح الأجانب إلى الوضع الأمني السيئ، ''لم يحمل عهد الاستقرار الأمني أي جديد''.
من جانبه رفض مسيّر وكالة سياحية محلية من غرداية، الفكرة التي يتداولها المسؤولون حول القطاع، ومفادها أن أزمة السياحة بغرداية تعود لغياب الإشهار للمدينة.
فالأزمة، حسب المتحدث، أكبر وأضخم من هذا المبرر السهل، ''ويجب الاعتراف أن غرداية الآن مرفوضة من السائح لأجنبي''، يضيف محدثنا الذي يتساءل ''ماذا سيجد السائح الباحث عن الراحة والراغب في الاستجمام والتنزه؟''، إذ يصعب العثور في المدينة على محل لبيع المنتجات التقليدية، بعد تحوّل العشرات من محلات الحرفيين إلى متاجر للآلات الإلكترونية المقلدة والألبسة، وتدهور قطاع الصناعة التقليدية، وتحوّل غرداية إلى مدينة شديدة الازدحام، واختفاء الواحة التقليدية القديمة، التي كانت مكانا مفضلا يزوره السياح، وعدم ملاءمة هياكل الإيواء السياحي المحترمة، والقادرة على تقديم خدمات مقنعة لزوار المدينة بالإقامة فيها لبعض الوقت.
ومن جهة هياكل الاستقبال السياحي، فإن وضعها لم يتقدم إلى الأمام في مجال توفير المرافق، إلا بمقدار ما تدهور به مستوى الخدمة المقدمة، حسب ''ج. طاهر''. وهو إطار في مؤسسة سياحية عمومية، الذي يقول إن ''أغلب المقاهي والمطاعم في غرداية لا تتطابق مع المقاييس السياحية الدولية، بل إن بعضها لا يتطابق حتى مع أبسط معايير احترام النظافة''.
كما تغيب الرقابة في أغلب الأحيان عن الفنادق الخاصة، حيث لا تتطابق أبدا الأسعار المفروضة مع مستوى الخدمات الرديء جدا، ففي أحد الفنادق ''السياحية'' حددت إدارة الفندق قيمة إيجار غرفة واحدة لا تفوق مساحتها 6 متر مربع بـ2000 دينار لليلة الواحدة، أي أن صاحب هذا الفندق يجني 2000دج كل ليلة من ''غرفة مرقد'' لا تصلح للخدمة في فندق بمدينة سياحية.
وتتزايد شكاوى نزلاء بعض الفنادق من غياب النظافة ونقص الماء والتكييف وغيرها من المشاكل. أما في المطاعم فإن ''عاصمة السياحة في الجزائر'' لا تضم سوى مطعمين سياحيين فقط. وفيما يخص باقي المرافق فتغيب عنها أبسط متطلبات الخدمة السياحية الدولية.
ومعلوم أن لجنة دعم الاستثمار الولائية بغرداية، كانت قد صادقت في السنوات الـ10الأخيرة على 5 مشاريع سياحية في بلدية غرداية لوحدها، حصل أصحابها على قطع أرض متميزة، ولم يباشروا أي استثمار سياحي، ولم يتحرك أحد للبحث في سبب توقف هذه المشاريع بعد أن حصل أصحابها على الأرض اللازمة، ولا يبدو، حسب الوقائع الموجودة، أن المسؤولين حتى في أعلى المستويات يرغبون الآن في دفع السياحة إلى الأمام بغرداية، أين كان قطاع السياحة يوفر أكثر من 30 بالمائة من مناصب الشغل الثابتة المباشرة.
200 ألف نسمة في منطقة لا تزيد عن 200 كلم مربع
بلغ حجم الاكتظاظ في عاصمة ولاية غرداية حدودا لم تشهدها أي من مدن الجنوب الجزائري، ويتركز سكان يصل عددهم إلى200 ألف نسمة، في منطقة لا تزيد مساحتها الفعلية عن الـ200 كلم مربع.
ويعيش في حي ثنية المخزن لوحده بين 15 و20 ألف نسمة في مساحة 2 كلم مربع، ويتفاقم مشكل الاختناق المروري والاكتظاظ في عاصمة ولاية غرداية دون أن تتدخل السلطات المحلية والمركزية لحله. بل إن منتخبين محليين وناشطين في جمعيات مختلفة يحمّلون مسؤولية الوضع الكارثي الحالي لمسيّري ولاية غرداية في العشرين سنة الماضية.
وحتى اليوم فإن كل الإجراءات المتخذة في مجال تسيير مدينة غرداية وإقامة المشاريع السكنية والمرافق الإدارية، تساهم في زيادة حجم الاكتظاظ بغرداية.
وقال ''ب. سعيد''، وهو رئيس جمعية من بلدية غرداية إنه و''منذ أكثر من 10 سنوات حذرت جمعيات محلية مختلفة ومنتخبون من خطورة إنشاء حي سكني جديد في منطقة التوسع في بوهراوة، وقالت إن إنشاء حي جديد في هضبة بوهراوة يعني خنق سهل وادي مزاب ومنعه من التنفس وتحويل المياه القذرة في هذه الهضبة إلى سهل واد مزاب التاريخي''، وأضاف محدثنا أنه و''رغم هذا قرر المسؤولون بناء أكثر من 2400 وحدة سكنية في الحي ومعها أكثر من 10 مرافق إدارية، كان يمكن بها خلق تجمع سكني جديد في منطقة واد نشو وتعمير مدينة بديلة يمكنها تقليص مشكلة الازدحام في سهل واد مزاب''.
من جانبه قال رئيس جمعية البيئة الخضراء إن غرداية تشهد أعلى نسب الإصابة بأمراض القلب والربو وارتفاع ضغط الدم والسكري بين مدن الجنوب والسهوب، حيث تم إحصاء أكثر من 10 آلاف إصابة بمرض السكري وعدة آلاف من حالات مرض القلب وضغط الدم، بين سكان لا يفوق عددهم الـ200 ألف نسمة. وحسبه فإن هذه الأمراض ترتبط أساسا بسكان المدن الكبرى أين تتفاقم ضغوط الحياة اليومية وتكثر مشاكل الازدحام.
أما عضو المجلس الشعبي الولائي السابق السيد ''خ، قاسم'' فقد أوضح أن ''الإدارة بغرداية تسير من فشل لآخر في التعامل مع مسألة التخفيف من الاكتظاظ في إحدى أكثر المدن ازدحاما في كل الجنوب الجزائري''.
وتقترب الكثافة السكانية من ألف شخص في الكيلومتر المربع الواحد. وهي نسبة غير معقولة بالمطلق في مدينة تقع بالصحراء الكبرى، حيث الأراضي الشاسعة متاحة ولا تطرح أي مشكل.
وحتى هذه النسبة قد تبدو غير واقعية، حيث تغيب بصفة كلية الإحصاءات الرسمية حول عدد المقيمين في مدينة غرداية من دون الحصول على شهادات الإقامة التي باتت بلديات سهل وادي مزاب الثلاث تتشدد في منحها.
وبالرغم من هذا فإن الكثافة الواقعية كبيرة بحساب المقيمين من غير الحاصلين على شهادة الإقامة وإضافتهم للعدد الفعلي للسكان.
سعر كراء البيوت يقترب مما هو موجود في مدن الشمال الكبرى
وأسفر الوضع الحالي عن ارتفاع سعر كراء البيوت في وسط المدينة إلى مستويات تقترب مما هو موجود في مدن الشمال الكبرى مثل العاصمة ووهران، فيما وصل سعر المتر المربع من أراضي البناء إلى مابين الـ10 والـ40 مليون سنتيم، حسب طبيعة الموقع إن كان قابلا للاستغلال في مشاريع تجارية. وقد جعلت الأسعار والي غرداية السابق يعلق على الوضعية بالقول إن أسعار الأراضي في غرداية تساوي أسعارها في بلدية حيدرة. وساهمت الطبيعة الطبوغرافية للمنطقة ووجود الأراضي المنبسطة الصالحة للاستغلال في البناء في منطقة سهل شديد الضيق لا يزيد عرضه في بعض المحاور عن كيلومتر واحد، في تفاقم هذه المشكلة.
وبدلا من إخراج الأنشطة والإدارات من منطقة غرداية القديمة وحتى المشاريع السكنية منها، ما تزال السياسة ذاتها التي أدت إلى تحويل غرداية إلى مدينة يستحيل تحمل ضغط الاكتظاظ فيها متواصلة، حيث تستمر الإدارة في زيادة عدد المشاريع في داخل سهل وادي مزاب، بل وفي الجهة الأكثر اكتظاظا، حيث تقرر منذ مدة البدء في إنجاز مقر للمجلس الشعبي الولائي في بستان مجاور لمقر ولاية غرداية.
كما أن المفارقة التي لم يجد لها عدد من ممثلي المجتمع المدني تفسيرا، تكمن في أن مقر مجلس قضاء غرداية الحالي هو في الأصل ملكية لولاية غرداية، وقد تقرر مؤخرا كذلك البدء في إنجاز مقر جديد لمجلس القضاء، ما يعني أن المقر الحالي ستعود ملكيته للولاية مجددا، وبالإمكان، حسب حتى عدد من أعضاء المجلس الولائي، استخدامه كمقر للمجلس الولائي مستقبلا. وهنا تكمن المفارقة، حيث تتخذ الإدارة إجراءات تساهم في اكتظاظ المدينة وليس العكس. وليس هذا بالغريب، حيث تم منذ سنوات قليلة إنجاز مديريتي الشباب والرياضة والشؤون الدينية وعدد كبير من السكنات المخصصة للإطارات وهياكل إدارية أخرى في المرتفعات القريبة من قلب المدينة رغم معارضة عدد من المنتخبين لهذا الإجراء. وقال ''باحمد. ج'' المهندس المختص في العمران ورئيس مكتب دراسات بالعاصمة إن ''الإدارة المحلية تواجه اليوم وفي المستقبل القريب مشكل الاكتظاظ في منطقة لا يجوز أن يطرح بها هذا المشكل أساسا، لو تم تسيير العمران في هذه الجهة في السنوات العشرين الماضية بطريقة علمية ومنهجية''.
وحسب مسؤولي مكاتب دراسات محلية تحدثنا إليهم في نفس الموضوع، فإن مسؤولي الولاية يتحملون وزر الوضع الحالي من ناحية الإصرار ''غير المفهوم'' على حصر كل المرافق الإدارية داخل سهل واد مزاب، حيث يؤدي وجودها للاختناق.
ومن المرجح أن تبقى المدينة الجديدة في النومرات المنشأة خصيصا لتحويل الاكتظاظ السكاني عن مدينة غرداية على حالها، في وقت يتركز الاهتمام حاليا على تعمير ما تبقى من الأراضي في قلب غرداية وإزالة الواحات أو تعمير منطقة بوهراوة. بينما لم تستفد منطقة المدينة الجديدة في النومرات من أي مشروع منشأة إدارية جديدة، ما يدفع لطرح أكثر من تساؤل، إذ تعاني المدينة الجديدة في النومرات من غياب كلي للاهتمام الذي يتركز حاليا في جهات أخرى، الأمر الذي دفع البعض للتعليق على هذا الواقع ''بأن إنجاز مدينة جديدة يحتاج لعشر سنوات بينما من الواجب أن تظهر نتيجة العمل في سنة أو سنتين فقط''.
عن الخبر اليومية الجزائر
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى