القصة التى حازت على المرتبة الأولي على الشمال في مسابقة القصة للمرحلة الاعدادية
السبت أغسطس 11, 2012 9:03 pm
بينما كانت الشمس تلملم أشعتها؛ مؤذنة برحيل حالك، وفيما كانت قطع الليل تتجمع؛ لتلف الكون بصمت وسكون, كان علي يكابد الآلام، وتلفه الحسرة والحرمان كالسوار بالمعصم، قاطع علي الصمت قائلا: لولا رفقة السوء، وكثرة التبذير؛ لما ضاع المال، وأصبحت في هذا الفقر المدقع، أنا ضيعت مالي؛ بما كسبت يداي، ما تذكرت قول الله -علت كلمته- "ولا تبذر تبذيرا" حينما سيقت لي الدنيا من قرنيها، فلقد ترك لي والدي مالا جما بعد وفاته, ولم يكن هناك من يرث المال غيري، آه لو رجع المال كما كان؛ لما بذرت مثقال ذرة، ورجعت به الذاكرة إلي سبعة شهور خلت، حينما كان يقضي ماله على السفور والانحلال، وعاد إلى معاتبة نفسه قائلا: لم أسمع قول عمي، وهو ينصحني، ويقول لي: ستذوق عاقبة تبذيرك بعد أيام وشهور، لِمَ لم أسمع نصيحته ؟!
الآن ما عاد له سوى كسرة خبز ليأكلها؛ فقد أنفق ماله كله في لعب القمار، وأصبح الدين عليه متثاقلا متراكما, حدث عليٌّ نفسه قائلا: ماذا لو دق الباب رجل يطلب دينه؟! ماذا سأفعل؟!
سكن الأسى قلب علي، وعمر الهم فؤاده، فهو يذوق الألم مرتين, مرة بسبب إسرافه، وأخرى بسبب وضعه الحالي، وتثاقلت الهموم عليه، فلم يجد مناصا من الانتحار أو الصبر، لعل الفرج يأتي قريبا فكان هذان الاختياران على كفتي ميزان, فتارة تغلب كفة الانتحار؛ فيهم به -لولا حب نفسه للحياة هي التي تمنعه- وتارة أخرى تغلب كفة الصبر؛ فيمتلئ فؤاده عزما وإصرارا، ولكن إلى متى ؟! فطريق الصبر طويل لا يتحمله إلا من تربى في كنف بيوت الله، وترعرع على الإيمان؛ فكان له نصيب من الصبر واحتساب الأجر.
ظلت المشاكل تقاتل عليًا؛ فتغلبه في كل الجولات, إلى أن لجأ لأمر كان غافلا عنه طوال سنين مضت، وقال: لابد لي أن ألجأ إلى الله فهو الرزاق, وعلي أن أحاول المرة تتلوها المرة؛ حتى يرضى الله عني، ويغمرني فضله مرة أخرى, فذهب إلى المسجد لصلاة العشاء، وحدث الشيخ بما ينوي, فقال له الشيخ: ويحك يا علي, تريد رضا الله فقط كي يرزقك من فضله ؟! لا والله لن يرزقك إلا تمحيصا وابتلاء, وهذه الطريقة لن تنجح أبدا, يجب عليك أن تدعو الله وأن تبتهل له, وأن تصدّق ذلك بالعمل الدؤوب؛ لكي تنال رضا الله -علت كلمته- أولا, ومن ثم تنال ما تبتغي من عَرَض الدنيا الزائل, وما أريدك أن تسعى إليه هو العمل؛ حتى تؤمن لقمة العيش، وبعدها تسد الديون، وتمضى بقية حياتك تعمل من أجل الله.
رجع علي إلي البيت وقد ملأ قلبه بالعزيمة والإصرار, وما إن لبث قليلا، حتى دق باب البيت لينذر بمصيبة كبرى؛ هدت عزيمته، وأدمت قلبه، فقال على عندما دق الباب:من الطارق؟- وما أراه إلا رجلا جاء يطلب دينه- فرد إليه الجواب بغلظة شديدة: أنا علاَّم- مَن كنتُ صديقك- فقال علي: الآن وقعتُ فريسة في يد من لا يرحم, تفضل يا رجل, ما لك أطلت علينا غيابك؟- وحاول أن يستجدي عطفه – قال علاَّم
- وبدون مقدمات-: لن أقبل اليوم أن أعود إلى بيتي إلاَّ بمالي كله طوعا أو كرها, قال علي، وهو يرتجف خوفا: تعلم أنت يا صديقي ما بي من ضيق العيش وضنكه؛ فتحلَّ بالصبر لمدة لا تتجاوز شهرًا قاطعه، علاّم قائلا: هل سترجع إلى طبيعتك؟! هل ستعود إلى التسويف والتأجيل؟! حفظا للصداقة التي انتهت بيننا سأعطيك ما تريده، قال علي: هذا ما كنت أتوقعه منك يا صديق الطفولة.
عاودت الصدمات تضرب عليا من كل اتجاه، فهذا الفقر المدقع الموجع، وهذا الدين الكبير، غرق عليٌّ في بحر أفكاره، الذي لم يُرسِه على بر حتى الآن، وقال: لا فرار الساعة؛ من الآن فصاعدا سأرجع إلى عمل أبي القديم، سأرجع إلى التجارة، التي أربحت أبي ذهبا، ولكن بشكل ضئيل؛ حتى يفتح الله علي من بركات السماء والأرض، ولكن من أين سأقترض المبلغ؟! هل من عمي؟! أم الشيخ ؟! وبعد حيرة أحاطت بقلبه كالغلاف، وعقله الذي أوقفته الأزمات وكثرة الصدمات؛ قرر أن يطلب المال من عمه؛ فهو الذي سيحنو عليه ويقدر ما به من حال.
ذهب علي إلى عمه، وبادره بشرح حاله، وما آل إليه وضعه، فقاطعه عمه وقال: والله لن أضع أي دريهم من مالي في يد سفيه مثلك، اذهب فلن أجبر خاطرك.
تقطعت بعلي السبل، وكادت المصيبة تُطيش عقله، وقال في أثر الفاجعة وبعد ما تخلَّى عمه: هذا ما صنعته يداي، لا مجال إلاَّ أن أذهب إلي الشيخ، هذا الذي علمني القرآن والحديث حتى وفاة أبي، فهل سيعطف علي أكثر من عمي؟! ولكن إذا رفض ماذا سأفعل؟! يا للمصيبة!!!
ذهب علي إلى صلاة الفجر بعدما زاره الأرق؛ فجفاه النوم، وبعد انقضاء الصلاة بادر الشيخ قائلا: لقد تخلى عني أقرب الناس، وأكثرهم عطفا علَيَّ، فلم أجد بُدًا من موقفي هذا، وأعلم ما لي من منزلة عندك؛ وآمل ألا تخيب رجائي فيك، قال الشيخ: سأعطيك ما تريد؛ واذهب مجبور الخاطر، موفور الكرامة، قال علي: يا الله، كيف سأرد فضائلك وحسنك؟! رد عليه الشيخ قائلا: أنا الآن أرد إحسان والدك علَيَّ؛ فقد أنقذني من بحر من الديون، فهذا المال الذي أعطيتك إياه ليس دينا عليك، ولكنه دين علَيَّ أنا، وها قد أطال الله في عمري؛ كي أرد دين أبيك، وبعد هذه الطاقة الحماسية؛ رجع الشاب طموحا مستعدا للعمل مرة أخرى على يَدَي شيخه الفاضل، وقرر أن يعمل بالتجارة مثل والده.
__________________
الآن ما عاد له سوى كسرة خبز ليأكلها؛ فقد أنفق ماله كله في لعب القمار، وأصبح الدين عليه متثاقلا متراكما, حدث عليٌّ نفسه قائلا: ماذا لو دق الباب رجل يطلب دينه؟! ماذا سأفعل؟!
سكن الأسى قلب علي، وعمر الهم فؤاده، فهو يذوق الألم مرتين, مرة بسبب إسرافه، وأخرى بسبب وضعه الحالي، وتثاقلت الهموم عليه، فلم يجد مناصا من الانتحار أو الصبر، لعل الفرج يأتي قريبا فكان هذان الاختياران على كفتي ميزان, فتارة تغلب كفة الانتحار؛ فيهم به -لولا حب نفسه للحياة هي التي تمنعه- وتارة أخرى تغلب كفة الصبر؛ فيمتلئ فؤاده عزما وإصرارا، ولكن إلى متى ؟! فطريق الصبر طويل لا يتحمله إلا من تربى في كنف بيوت الله، وترعرع على الإيمان؛ فكان له نصيب من الصبر واحتساب الأجر.
ظلت المشاكل تقاتل عليًا؛ فتغلبه في كل الجولات, إلى أن لجأ لأمر كان غافلا عنه طوال سنين مضت، وقال: لابد لي أن ألجأ إلى الله فهو الرزاق, وعلي أن أحاول المرة تتلوها المرة؛ حتى يرضى الله عني، ويغمرني فضله مرة أخرى, فذهب إلى المسجد لصلاة العشاء، وحدث الشيخ بما ينوي, فقال له الشيخ: ويحك يا علي, تريد رضا الله فقط كي يرزقك من فضله ؟! لا والله لن يرزقك إلا تمحيصا وابتلاء, وهذه الطريقة لن تنجح أبدا, يجب عليك أن تدعو الله وأن تبتهل له, وأن تصدّق ذلك بالعمل الدؤوب؛ لكي تنال رضا الله -علت كلمته- أولا, ومن ثم تنال ما تبتغي من عَرَض الدنيا الزائل, وما أريدك أن تسعى إليه هو العمل؛ حتى تؤمن لقمة العيش، وبعدها تسد الديون، وتمضى بقية حياتك تعمل من أجل الله.
رجع علي إلي البيت وقد ملأ قلبه بالعزيمة والإصرار, وما إن لبث قليلا، حتى دق باب البيت لينذر بمصيبة كبرى؛ هدت عزيمته، وأدمت قلبه، فقال على عندما دق الباب:من الطارق؟- وما أراه إلا رجلا جاء يطلب دينه- فرد إليه الجواب بغلظة شديدة: أنا علاَّم- مَن كنتُ صديقك- فقال علي: الآن وقعتُ فريسة في يد من لا يرحم, تفضل يا رجل, ما لك أطلت علينا غيابك؟- وحاول أن يستجدي عطفه – قال علاَّم
- وبدون مقدمات-: لن أقبل اليوم أن أعود إلى بيتي إلاَّ بمالي كله طوعا أو كرها, قال علي، وهو يرتجف خوفا: تعلم أنت يا صديقي ما بي من ضيق العيش وضنكه؛ فتحلَّ بالصبر لمدة لا تتجاوز شهرًا قاطعه، علاّم قائلا: هل سترجع إلى طبيعتك؟! هل ستعود إلى التسويف والتأجيل؟! حفظا للصداقة التي انتهت بيننا سأعطيك ما تريده، قال علي: هذا ما كنت أتوقعه منك يا صديق الطفولة.
عاودت الصدمات تضرب عليا من كل اتجاه، فهذا الفقر المدقع الموجع، وهذا الدين الكبير، غرق عليٌّ في بحر أفكاره، الذي لم يُرسِه على بر حتى الآن، وقال: لا فرار الساعة؛ من الآن فصاعدا سأرجع إلى عمل أبي القديم، سأرجع إلى التجارة، التي أربحت أبي ذهبا، ولكن بشكل ضئيل؛ حتى يفتح الله علي من بركات السماء والأرض، ولكن من أين سأقترض المبلغ؟! هل من عمي؟! أم الشيخ ؟! وبعد حيرة أحاطت بقلبه كالغلاف، وعقله الذي أوقفته الأزمات وكثرة الصدمات؛ قرر أن يطلب المال من عمه؛ فهو الذي سيحنو عليه ويقدر ما به من حال.
ذهب علي إلى عمه، وبادره بشرح حاله، وما آل إليه وضعه، فقاطعه عمه وقال: والله لن أضع أي دريهم من مالي في يد سفيه مثلك، اذهب فلن أجبر خاطرك.
تقطعت بعلي السبل، وكادت المصيبة تُطيش عقله، وقال في أثر الفاجعة وبعد ما تخلَّى عمه: هذا ما صنعته يداي، لا مجال إلاَّ أن أذهب إلي الشيخ، هذا الذي علمني القرآن والحديث حتى وفاة أبي، فهل سيعطف علي أكثر من عمي؟! ولكن إذا رفض ماذا سأفعل؟! يا للمصيبة!!!
ذهب علي إلى صلاة الفجر بعدما زاره الأرق؛ فجفاه النوم، وبعد انقضاء الصلاة بادر الشيخ قائلا: لقد تخلى عني أقرب الناس، وأكثرهم عطفا علَيَّ، فلم أجد بُدًا من موقفي هذا، وأعلم ما لي من منزلة عندك؛ وآمل ألا تخيب رجائي فيك، قال الشيخ: سأعطيك ما تريد؛ واذهب مجبور الخاطر، موفور الكرامة، قال علي: يا الله، كيف سأرد فضائلك وحسنك؟! رد عليه الشيخ قائلا: أنا الآن أرد إحسان والدك علَيَّ؛ فقد أنقذني من بحر من الديون، فهذا المال الذي أعطيتك إياه ليس دينا عليك، ولكنه دين علَيَّ أنا، وها قد أطال الله في عمري؛ كي أرد دين أبيك، وبعد هذه الطاقة الحماسية؛ رجع الشاب طموحا مستعدا للعمل مرة أخرى على يَدَي شيخه الفاضل، وقرر أن يعمل بالتجارة مثل والده.
__________________
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى