كثير هم الكتاب من النخبة المثقفة الجزائرية حاولوا دراسة البنية السوسيولوجية للمجتمع الجزائري لاستجلاء مكامن النقص والضعف فيه وتشخيص كل ذلك للبحث عن الحلول الناجعة ومداواتها ومن هؤلاء الكتاب " الدكتور محمد النذير مكيد الذي تشرفت شخصيا بلقائه والحديث عن كتابه " النهوض الجزائري" والمؤلف عبارة عن كتاب محدود الصفحات لكنه قيم في أطروحاته حيث لخص فيه صاحبنا زبدة وخلاصة تجربته داخل الوطن وخارجه وتحدث في فصوله بإسهاب عن الذات الجزائرية التي تعاني ضعفا إنسانيا وانهزاما آنيا مع كونها تتوفر على كامل الشروط الحضارية والاجتماعية والسياسية لتحقيق النهوض والرخاء وقد تراءئ للكاتب ــ من خلال جولته الطويلة في المشرق والمغرب ــ أن الجزائري مع كونه ضعيف حضاري ومنهزم مزهوّ بنفسه مفتخرا بها في الوقت الذي يتضاءل الأوروبي تواضعا مع عظيم منجزاته . والسبب أن الجزائري لا يزال حبيس ماضي الأجداد غير متطلع للمستقبل يحب الراحة والدعة ويبغض العمل وهو موسوم في أوربا بالسارق والعنيف والمتعدي و..... هذا التقهقر في الذات مرده لعوامل عدة نتحمل نحن الجزائريون النصيب الاكبر والنصيب الآخر للاستعمار . وبعد تحليل عميق لهذه الذات ـــ القابلة للتغيير إن صح التعبير ــ شرع الكاتب يعطي الحلول والبلسم الشافي الذي بإمكانه انقاذ ما يمكن إنقاذه لتحقيق التنمية للمجتمع وباعتبار أن الشخصية يجب أن تكون متكاملة لتنمو فإن الكاتب لم يهمل أي جانب فيها سواء النفسي أو العلمي أو الديني أو التاريخي إلى غير ذلك من الجوانب المهمة في الشخصية وفي الأخير أقول : إن شبابنا وأنا واحد منهم حريّ به دراسة هذه الأفكار وتحليلها للاستفداة منها في صناعة الذات المنهزمة والمحطمة لأن باستقامة الفرد يستقيم المجتمع وتستقيم الدولة ومن ثمة الأمة ذلك هو الجيل المنشود.

. ملاحظات: الكاتب هو مدرس لمادة اللغة الانجليزية بالمدرسة العليا ببوزريعة وكاتب وباحث نشط في الساحة الفكرية والأدبية بدأ مشواره الصحفي في لبنان وسوريا ثم سافر إلى هولندا لإتمام دراساته العليا بجامعة ليدن الشهيرة وبعد جولات في دول أوروبية عديدة عاد إلى موطنه الجزائر للمساهمة في بناء وطنه وتكوين أجياله.