صلاة الاستخارة... دراسة فقهية (حلقات)
الأربعاء مايو 06, 2009 6:25 pm
تعريف الاستخارة لغة وشرعاً
1- الاستخارة لغة: " طلب الخيرة في الشيء. وخار الله لك؛ أي أعطاك ما هو خير لك، واستخار الله: طلب منه الخيرة والاختيار: الاصطفاء وكذلك التخير، ويقال: استخر الله يخر لك".(1)
2- والاستخارة في الاصطلاح الشرعي: "طلب الاختيار، أي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى، بالصلاة والدعاء الوارد في الاستخارة ". (2)
وبعبارة أوضح هي: عبارة عن دعاء معين ورد في السنة يقوله المسلم ويدعو به أو يأتي به بعد صلاة ركعتين من غير الفريضة، إذا عزم على فعل شيء ما، من زواج أو تجارة أو سفر أو نحو ذلك، فيطلب من الله سبحانه وتعالى أن يختار له الخير ويعينه عليه، وييسره له، ويطلب منه سبحانه أن يصرفه عما يريد إذا كان فيه شر له، وسيأتي ذكر هذا الدعاء ومزيد من التفصيل فيه.
أهمية الاستخارة في حياة المسلم وتوصية العلماء بها
إن الإنسان مخلوق ضعيف، بحاجة إلى إعانة الله تعالى في أموره كلها؛ وذلك لأنه لا يعلم الغيب، فلا يدري أين موطن الخير والشر فيما يستقبله من حوادث ووقائع؟
لذا كان من حكمة الله سبحانه ورحمته بعباده أن شرع لهم هذا الدعاء، لكي يتوسلوا بربهم ويستغيثوا به في توجيه السير نحو الخير والنفع.
وإن العبد المسلم على يقين لا يخالطه شك أن تدابير الأمور وصرفها بيد الله سبحانه وتعالى وأنه يقدر ويقضي بما شاء، في خلقه قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (القصص:68-70).
قال العلامة محمد بن أحمد القرطبي المالكي - رحمه الله - : (( قال بعض العلماء: لا ينبغي لأحد أن يقدم على أمر من أمور الدنيا حتى يسأل الله الخيرة في ذلك، بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة)) (3).
ولقد فهم السلف الصالح هذا المعنى فكانوا يستخيرون ربهم في أمورهم كلها.
ومن الأدلة على ذلك قصة زينب رضي الله عنها في زواجها من النبي ، فقد استخارت ربها في ذلك.
عن أنس رضي الله عنه قال: (( لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد: ( فاذكرها علي). قال زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب أبشري أرسلني إليك رسول الله يذكرك فقالت: ما أنا صانعة شيئاً حتى أستأمر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن. وجاء رسول الله فدخل بغير أمر )). (4)
ومعنى قول زينب: (( حتى أستأمر)) أي: حتى أستخير.
ومعنى قوله: (( إلى مسجدها)) أي: موضع صلاتها من بيتها.
ومعنى قول النبي: (( أذكرها علي؟)) أي: أخطبها لي من نفسها. (5)
قال محي الدين النووي الشافعي رحمه الله مبيناً ما في هذا الحديث من حكم وفقه قال: (( وفيه - أي في الحديث - استحباب صلاة الاستخارة لمن هم بأمر، سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا)). (6)
وقال النووي أيضاً: (( ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه )) (7).
والنووي رحمه الله قال هذه العبارة الأخيرة ليرفع الإشكال الذي قد يرد وهو أن الاستخارة تكون في الأمر الذي لا يعرف أهو خير أم شر؟ وأما زواج المرأة من النبي فخير لها، أي خيره ظاهر فكيف تستخيره؟ فبين ذلك رحمه الله.
هكذا كان حرصهم رضي الله عنهم على تطبيق هذه السنة في حياتنا، ونتوكل على ربنا سبحانه، فهو نعم المولى ونعم الوكيل.
ولقد أحسن من قال:
توكل على الرحمن في كل حاجة........إذ ما يرد ذو العرش أمراً بعبده
وقد يهلك الإنسان من وجه حذره......أردت فإن الله يقضي ويقدر
يصبه وما للعبد ما يتخير.............وينجو بحمد الله من حيث يحذر (.
بيان نص دعاء ودليل صلاة الاستخارة من السنة وتخريجه وشرح معانيه الغريبة
أولاً: نص دعاء الاستخارة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ) (9).
ثانياً: تخريج النص:
الحديث: أخرجه أحمد في مسنده (11/520) (4642) والبخاري في عدة مواضع من صحيحه، فقد أخرجه في كتاب التهجد باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1162) ، الفتح (3/61 - 62) وأخرجه أيضاً في الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة، برقم (6382)، الفتح (11/218، 219).
وأخرجه أيضاً في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: ? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ ? (الأنعام: من الآية65) برقم (7390)، الفتح (13/464).
وأخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الصلاة، باب: في الاستخارة، برقم (1583) (2/91).
وأخرجه الترمذي في سننه، في أبواب الوتر، ما جاء في صلاة الاستخارة، برقم (480) (2/345).
وأخرجه النسائي في سننه، في كتاب النكاح، باب: كيفية الاستخارة، برقم (3253) (3/3389). وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/411) (2082)، وابن حبان في صحيحه (3/169) (887).
ثالثاً: شرح معاني غريب الحديث:
وبعد أن بينا بعض من أخرجه لكي تطمئن النفوس على صحة الحديث نشرع الآن في بيان ما يشكل من بعض معانيه الغريبة.
قوله: (( إذا هم )) ، أي إذا قصد.
قوله: (( بالأمر )) أي: بأمر من الأمور.
قوله: (( فليركع ركعتين )): أي: ليصل، وقد يذكر الركوع ويراد به الصلاة كما يذكر السجود ويراد به الصلاة، من قبل ذكر الجزء وإرادة الكل.
قوله: (( من غير الفريضة )) يعني: النوافل: أي تكون تلك الركعتان من النافلة.
قوله: (( أستخيرك )) أي: أطلب الخير، أن تخير لي أصلح الأمرين؛ أي تختاره، لأنك عالم به وأنا جاهل.
قوله: (( وأستقدرك )): أي: أطلب أن تقدرني على أصلح الأمرين، إذ أطلب منك القدرة على ما نويته، فإنك قادر على إقداري عليه، أو أن تقدر لي الخير بسبب قدرتك عليه.
قوله: (( تسميه باسمه )) أي: تسمي أمرك وحاجتك التي قصدت الاستخارة لها في هذا الموضع.
مثلاً تقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا السفر خير لي، أو هذا الزواج، أو هذا النوع من التجارة، أو هذه السيارة، ونحو ذلك مما تريد.
قوله: ( في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله) يعني: إن كان فيه خير يرجع لديني ولمعاشي وعاقبة أمري، وإنما ذكر عاقبة الأمر، لأنه رب كل شيء يهمه الرجل يكون فيه خير في ذل الحال، ولكن لا يكون خيراً في آخر الأمر، بل ينقلب إلى عكسه، فزاد في الدعاء بقوله: ( وعاقبة أمري).
قوله: ( فاقدره) بضم الدال، أي: اقض لي به وهيئه.
قوله: (فاصرفه عني)، أي: لا تقض لي به، ولا ترزقني إياه.
قوله: ( واصرفني عنه) أي: لا تيسر لي أن أفعله وأقلعه من خاطري، أي لا أهتم به ولا أهمه بعد ذلك.
قوله: ( حيث كان) أي: اقض لي بالخير حيث كان الخير.
قوله: (ثم رضني به) أي: اجعلني راضياً بذلك، أي: بخير المقدور (10).
1- الاستخارة لغة: " طلب الخيرة في الشيء. وخار الله لك؛ أي أعطاك ما هو خير لك، واستخار الله: طلب منه الخيرة والاختيار: الاصطفاء وكذلك التخير، ويقال: استخر الله يخر لك".(1)
2- والاستخارة في الاصطلاح الشرعي: "طلب الاختيار، أي طلب صرف الهمة لما هو المختار عند الله والأولى، بالصلاة والدعاء الوارد في الاستخارة ". (2)
وبعبارة أوضح هي: عبارة عن دعاء معين ورد في السنة يقوله المسلم ويدعو به أو يأتي به بعد صلاة ركعتين من غير الفريضة، إذا عزم على فعل شيء ما، من زواج أو تجارة أو سفر أو نحو ذلك، فيطلب من الله سبحانه وتعالى أن يختار له الخير ويعينه عليه، وييسره له، ويطلب منه سبحانه أن يصرفه عما يريد إذا كان فيه شر له، وسيأتي ذكر هذا الدعاء ومزيد من التفصيل فيه.
أهمية الاستخارة في حياة المسلم وتوصية العلماء بها
إن الإنسان مخلوق ضعيف، بحاجة إلى إعانة الله تعالى في أموره كلها؛ وذلك لأنه لا يعلم الغيب، فلا يدري أين موطن الخير والشر فيما يستقبله من حوادث ووقائع؟
لذا كان من حكمة الله سبحانه ورحمته بعباده أن شرع لهم هذا الدعاء، لكي يتوسلوا بربهم ويستغيثوا به في توجيه السير نحو الخير والنفع.
وإن العبد المسلم على يقين لا يخالطه شك أن تدابير الأمور وصرفها بيد الله سبحانه وتعالى وأنه يقدر ويقضي بما شاء، في خلقه قال تعالى: ( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ وَرَبُّكَ يَعْلَمُ مَا تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) (القصص:68-70).
قال العلامة محمد بن أحمد القرطبي المالكي - رحمه الله - : (( قال بعض العلماء: لا ينبغي لأحد أن يقدم على أمر من أمور الدنيا حتى يسأل الله الخيرة في ذلك، بأن يصلي ركعتين صلاة الاستخارة)) (3).
ولقد فهم السلف الصالح هذا المعنى فكانوا يستخيرون ربهم في أمورهم كلها.
ومن الأدلة على ذلك قصة زينب رضي الله عنها في زواجها من النبي ، فقد استخارت ربها في ذلك.
عن أنس رضي الله عنه قال: (( لما انقضت عدة زينب قال رسول الله لزيد: ( فاذكرها علي). قال زيد: فانطلقت فقلت: يا زينب أبشري أرسلني إليك رسول الله يذكرك فقالت: ما أنا صانعة شيئاً حتى أستأمر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن. وجاء رسول الله فدخل بغير أمر )). (4)
ومعنى قول زينب: (( حتى أستأمر)) أي: حتى أستخير.
ومعنى قوله: (( إلى مسجدها)) أي: موضع صلاتها من بيتها.
ومعنى قول النبي: (( أذكرها علي؟)) أي: أخطبها لي من نفسها. (5)
قال محي الدين النووي الشافعي رحمه الله مبيناً ما في هذا الحديث من حكم وفقه قال: (( وفيه - أي في الحديث - استحباب صلاة الاستخارة لمن هم بأمر، سواء كان ذلك الأمر ظاهر الخير أم لا)). (6)
وقال النووي أيضاً: (( ولعلها استخارت لخوفها من تقصير في حقه )) (7).
والنووي رحمه الله قال هذه العبارة الأخيرة ليرفع الإشكال الذي قد يرد وهو أن الاستخارة تكون في الأمر الذي لا يعرف أهو خير أم شر؟ وأما زواج المرأة من النبي فخير لها، أي خيره ظاهر فكيف تستخيره؟ فبين ذلك رحمه الله.
هكذا كان حرصهم رضي الله عنهم على تطبيق هذه السنة في حياتنا، ونتوكل على ربنا سبحانه، فهو نعم المولى ونعم الوكيل.
ولقد أحسن من قال:
توكل على الرحمن في كل حاجة........إذ ما يرد ذو العرش أمراً بعبده
وقد يهلك الإنسان من وجه حذره......أردت فإن الله يقضي ويقدر
يصبه وما للعبد ما يتخير.............وينجو بحمد الله من حيث يحذر (.
بيان نص دعاء ودليل صلاة الاستخارة من السنة وتخريجه وشرح معانيه الغريبة
أولاً: نص دعاء الاستخارة:
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ( كان رسول الله يعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمنا السورة من القرآن، يقول: (إِذَا هَمَّ أَحَدُكُمْ بِالْأَمْرِ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْفَرِيضَةِ ثُمَّ لِيَقُلْ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ اللَّهُمَّ فَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ هَذَا الْأَمْرَ ثُمَّ تُسَمِّيهِ بِعَيْنِهِ خَيْرًا لِي فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ قَالَ أَوْ فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي فَاقْدُرْهُ لِي وَيَسِّرْهُ لِي ثُمَّ بَارِكْ لِي فِيهِ اللَّهُمَّ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ شَرٌّ لِي فِي دِينِي وَمَعَاشِي وَعَاقِبَةِ أَمْرِي أَوْ قَالَ فِي عَاجِلِ أَمْرِي وَآجِلِهِ فَاصْرِفْنِي عَنْهُ وَاقْدُرْ لِي الْخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ رَضِّنِي بِهِ) (9).
ثانياً: تخريج النص:
الحديث: أخرجه أحمد في مسنده (11/520) (4642) والبخاري في عدة مواضع من صحيحه، فقد أخرجه في كتاب التهجد باب: ما جاء في التطوع مثنى مثنى، برقم (1162) ، الفتح (3/61 - 62) وأخرجه أيضاً في الدعوات، باب: الدعاء عند الاستخارة، برقم (6382)، الفتح (11/218، 219).
وأخرجه أيضاً في كتاب التوحيد، باب: قول الله تعالى: ? قُلْ هُوَ الْقَادِرُ ? (الأنعام: من الآية65) برقم (7390)، الفتح (13/464).
وأخرجه أبو داود في سننه، في كتاب الصلاة، باب: في الاستخارة، برقم (1583) (2/91).
وأخرجه الترمذي في سننه، في أبواب الوتر، ما جاء في صلاة الاستخارة، برقم (480) (2/345).
وأخرجه النسائي في سننه، في كتاب النكاح، باب: كيفية الاستخارة، برقم (3253) (3/3389). وأخرجه أبو يعلى في مسنده (2/411) (2082)، وابن حبان في صحيحه (3/169) (887).
ثالثاً: شرح معاني غريب الحديث:
وبعد أن بينا بعض من أخرجه لكي تطمئن النفوس على صحة الحديث نشرع الآن في بيان ما يشكل من بعض معانيه الغريبة.
قوله: (( إذا هم )) ، أي إذا قصد.
قوله: (( بالأمر )) أي: بأمر من الأمور.
قوله: (( فليركع ركعتين )): أي: ليصل، وقد يذكر الركوع ويراد به الصلاة كما يذكر السجود ويراد به الصلاة، من قبل ذكر الجزء وإرادة الكل.
قوله: (( من غير الفريضة )) يعني: النوافل: أي تكون تلك الركعتان من النافلة.
قوله: (( أستخيرك )) أي: أطلب الخير، أن تخير لي أصلح الأمرين؛ أي تختاره، لأنك عالم به وأنا جاهل.
قوله: (( وأستقدرك )): أي: أطلب أن تقدرني على أصلح الأمرين، إذ أطلب منك القدرة على ما نويته، فإنك قادر على إقداري عليه، أو أن تقدر لي الخير بسبب قدرتك عليه.
قوله: (( تسميه باسمه )) أي: تسمي أمرك وحاجتك التي قصدت الاستخارة لها في هذا الموضع.
مثلاً تقول: اللهم إن كنت تعلم أن هذا السفر خير لي، أو هذا الزواج، أو هذا النوع من التجارة، أو هذه السيارة، ونحو ذلك مما تريد.
قوله: ( في ديني ومعاشي وعاقبة أمري وعاجله وآجله) يعني: إن كان فيه خير يرجع لديني ولمعاشي وعاقبة أمري، وإنما ذكر عاقبة الأمر، لأنه رب كل شيء يهمه الرجل يكون فيه خير في ذل الحال، ولكن لا يكون خيراً في آخر الأمر، بل ينقلب إلى عكسه، فزاد في الدعاء بقوله: ( وعاقبة أمري).
قوله: ( فاقدره) بضم الدال، أي: اقض لي به وهيئه.
قوله: (فاصرفه عني)، أي: لا تقض لي به، ولا ترزقني إياه.
قوله: ( واصرفني عنه) أي: لا تيسر لي أن أفعله وأقلعه من خاطري، أي لا أهتم به ولا أهمه بعد ذلك.
قوله: ( حيث كان) أي: اقض لي بالخير حيث كان الخير.
قوله: (ثم رضني به) أي: اجعلني راضياً بذلك، أي: بخير المقدور (10).
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى