وصف النبي صلى الله عليه وسلم
الإثنين مايو 04, 2009 2:22 pm
وصف الرسول صلى الله عليه وسلم
لقد زكى الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم تزكية كاملة، ظاهراً وباطناً: زكى باطنه وطهره من الشرك والكفر، وزكى ظاهره فجعله في أبهى صورة وأجملها. وقد وصف الصحابة لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفصلوا وأجملوا في وصفه، فوصفوا وجهه وأنفه وجبينه وحاجبيه وعرقه وصدره وعنقه وبطنه وكفه ورجله، حتى مشيته وهيئة جلوسه ووقوفه.
تزكية الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، واستن بسننه، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفى الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته، ودار كرامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! إننا في هذه الليلة على موعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحلى أن يكون اللقاء معه! وما أجمل أن تكون الكلمات عنه! ورب الكعبة مهما أوتيتُ من فصاحة البيان وبلاغة الأسلوب والتبيان، فلن أستطيع أن أوفي الحبيب قدره، كيف لا وهو حبيب الرحيم الرحمن؟! وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68]. فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة، واصطفى من أولي العزم الخمسة إبراهيم ومحمداً، واصطفى محمداً على جميع خلقه. زكاه ربه، ومن زكَّاه ربه فلا يجوز لأحد من أهل الأرض قاطبةً أن يظن أنه يأتي في يوم من الأيام ليزكيه، بل إن أي أحد وقف ليزكي رسول الله، وليصف رسول الله، وليتكلم عن قدر رسول الله، فإنما يرفع من قدر نفسه، ومن قدر السامعين بحديثه عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. زكَّاه ربه في كل شيء: زكَّاه في عقله فقال جل وعلا: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]، وزكَّاه في بصره فقال جل وعلا: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]، وزكَّاه في صدره فقال جل وعلا: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1]، وزكَّاه في ذكره فقال جل وعلا: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4]، وزكَّاه في طهره فقال جل وعلا: وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ [الشرح:2]، وزكَّاه في صدقه فقال جل وعلا: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3]، وزكَّاه في علمه فقال جل وعلا: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:5]، وزكَّاه في حلمه فقال جل وعلا: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، وزكَّاه في خلقه كله فقال جل وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الله أكبر! ومما زادني فـخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسـلت أحمد لي نبياً من أنا؟! ومن أنت؟! لنتشرف بأن يكون حبيبنا ونبينا ورسولنا هو ابن عبد الله المصطفى صلى الله عليه وسلم. ......
أهمية معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم
أيها الأحبة! هذا الحبيب يحلو لكل مسلم محب أن يتذكره، وأن يتصوره، وأن يتخيله، وأن يعيش بقلبه مع هذا الحبيب، ليعرف كيف كانت حياته؟ كيف كان وجهه؟ كيف كان شعره؟ كيف كانت لحيته؟ كيف كان صدره؟ كيف كانت يده؟ كيف كانت قدمه؟ كيف كانت مشيته؟ كيف كانت نومته؟ كيف كان طعامه؟ كيف كان شرابه؟ كيف كان أكله؟ كيف كان ذكره؟ كيف كان الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولم لا؟! وقد أمرنا الله جل وعلا أن نقتفي أثره، وأن نسير على دربه، وأن نقلده في كل شيء، قال جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. أنت مأمور أيها المسلم الموحد! أن تسير على دربه، وأن تقتفي أثره، وأن تتبع سنته، تعرف كيف كان يأكل لتأكل مثله، وكيف كان يجلس لتجلس مثله، وكيف كان ينام لتنام على هيئته، وكيف كان يتكلم لتتكلم على طريقته، وكيف كان يمشي لتمشي على طريقته، فهو حبيبك وقدوتك وأسوتك، ولن تصل إلى الله جل وعلا إلا من طريقه، ومن الباب الذي دلك عليه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. إن رسول الله -أيها الأحبة- بشر: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ [الكهف:110]، ولكنه لم يكن بشراً عادياً. فمبلغ العلم فيه أنه بشر ولكنه خير خلق الله كلهم قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف:110]، وهذه هي التي رفعت قدره، وأعلت شأنه، ورفعت مكانته عند الله جل وعلا وعند الخلق، ولن تنال رفقته في الجنة وشفاعته يوم القيامة إلا إن اتبعت سنته، وسرت على طريقته، واقتفيت أثره: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. رسول الله لم يكن بشراً عادياً أيها الأحبة؛ لأنه شرف بالوحي الذي أنزله الله عليه. ألم تعلم أخي الحبيب! أنه قد ثبت في الصحيحين من حديث جابر : (أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نام تنام عينه ولا ينام قلبه) : (جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إن لصاحبكم هذا مثلاً فاضربوا له مثلاً: فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقال بعضهم: مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدُبةً، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقال بعضهم: أوِّلوها له يفقهها -فسروا له الرؤيا هذه- فقال بعضهم: إنه نائم، وقال البعض: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: الدار هي الجنة، والداعي هو محمد فمن أجاب محمداً دخل الجنة، ومن لم يجب محمداً لم يدخل الجنة، ومحمد فرَّق بين الناس). فمن آمن بالحبيب، وسار على درب الحبيب، واتبع سنة الحبيب، نال شفاعة الحبيب يوم القيامة، ونال رفقته وصحبته في الجنة، ومن خالف هدي الحبيب لم ينل الشفاعة، وحُرِمَ من هذه الرِّفعة وتلك الصُّحبة. أسأل الله جل وعلا أن يمتعنا وإياكم بصحبته بحبنا له، إنه ولى ذلك والقادر عليه. ......
صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية
في هذه الليلة نعيش مع النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يقول قائل: كيف ستصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يصف النبي لابد أن يكون صحابياً عاش مع النبي، ونظر إلى النبي، وكلم النبي، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأقول: قد نقلت إلينا سنة الحبيب ونقلت إلينا أوصاف الحبيب، فكما نقل لنا الصحابة سنته وأحاديثه الشريفة، فإنه نقل إلينا بعضهم وصفه صلى الله عليه وسلم. ......
صفة صدره صلى الله عليه وسلم وعضلاته
كان النبي صلى الله عليه وسلم عريض الصدر، وهذا يدل على الفتوة والقوة، وكان له في صدره شعرات، وكان الشعر نازلاً ممتداً حتى السرة، يعني: كان الشعر كالقضيب من الصدر حتى السرة، وكان مشدود العضلات، فإذا كان في أرض المعركة، وصمتت الألسنة الطويلة، وخطبت السيوف والرماح على منابر الرقاب، وفي ساحة الوغى، كان الحبيب المصطفى يرفع صوته وينادي في وسط المعركة ويقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) وهذا علي بن أبي طالب فارس الفرسان، وقائد القواد، رضوان الله عليه، الذي قال له النبي يوم خيبر: (سأعطي الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) علي رضوان الله عليه كان يفخر ويقول: محمد النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وزوجي منوط لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي فـعلي فارس الفرسان وهو الذي فتح الله على يديه حصون خيبر كان يقول رضي الله عنه: (كنا إذا حمي الوطيس، واشتدت المعركة، اتقينا برسول الله) أي: كنا نحتمي برسول الله صلى الله عليه، فكان الحبيب مشدود العضلات قوياً، إذا دخل في أرض المعركة وميادين النزال، كان الصحابة رضوان الله عليهم يتقون به من شدة الضربات، وأنتم تعلمون ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وماذا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر.
أعلى الصفحة
صفة مشيه صلى الله عليه وسلم والتفاته
كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب يعني: كأنه حجر كبير نازل من فوق، وكان إذا التفت التفت جميعاً يعني: كان لا ينظر من طرف بل كان يلتف كله، وهذه من علامات التواضع، فأنت إذا نادى عليك أحد فلا تنظر من طرف، (ثاني عطفه) لا، بل التفت بكليتك على من يناديك كما كان يفعل الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن تواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأتي الصحابي ويركبه وراءه على حمار واحد، تواضع ما بعده تواضع، تجد الواحد في عصرنا وفي زمننا راكب عربية أو طيارة وهو راكب في الكرسي الخلفي لوحده، ويستعظم أن يركب معه شخص آخر! وهذا حمار يركبه النبي صلى الله عليه وسلم ويردف وراءه الفضل بن العباس ، وكذلك عبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل يقول: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل). وكان صلى الله عليه وسلم يخفض طرفه، يعني: كان نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، انظر إلى تواضعه صلى الله عليه وسلم!. فأنت أيها المسلم! انتبه لا تتعال ولا تتبختر، كن متواضعاً، كن ذليلاً لله، اللهم ارزقنا الذل لك، كن منكسراً لله حتى يرفعك الله؛ لأنه من تواضع لله رفعه، فإذا منّ الله عليك بمال فتواضع كثيراً، وإذا من عليك بعلم فانكسر واخضع له سبحانه، وإذا من عليك بحب في قلوب العباد فقل: يا رب سلم سلم، يا رب أحسن الخاتمة، احذر الغرور بالنفس، فالنفس أمارة بالسوء كما قال الله: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف:53] اجعلها دائماً ذليلة لله، كلما تحدثك بأمر فيه خطر فقل لها: لا، فلا غرور، لا عجب، لا كبر، ولا تمتن على الناس، يقول الله عز وجل: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]، كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا [النساء:94].
أعلى الصفحة
صفة عرقه صلى الله عليه وسلم ورائحته
أخرج الإمام أحمد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال: (كان العرق في وجهه صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ)، وكذلك عندما كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان شديداً، ففي مرة من المرات نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وركبة النبي صلى الله عليه وسلم على ركبة أحد الصحابة، فقال ذلك الصحابي: (أحسست أن جبلاً نزل علي من ثقل ما يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكذلك في اليوم شديد البرودة عندما ينزل الوحي ترى العرق يتناثر على وجه النبي صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ، وهذا مع شدة البرد! أما ريح عرقه صلى الله عليه وسلم فقد كان أطيب من ريح المسك، فعلى المسلم أن يكون حريصاً على نظافة ثوبه، وجمال لحيته، وترجيل شعره، وطيب رائحة بدنه، فأنت بهذا تقتدي بالحبيب صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يخرج إلى الناس إلا بعد أن يتجمل ويتزين ويتطيب عليه الصلاة والسلام، وينظر في المرآة ويسرح شعر اللحية، وكان إذا سافر أخذ معه السواك والمرآة والمشط والمكحلة، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان له شعر فليكرمه) انظر! الإسلام دين جمال! ليس ديناً مهملاً للنظافة، فيا أخي! كن جميل المنظر، طيب الرائحة دائماً، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان جميلاً في كل شيء، ولما سئل قال: (إن الله جميل يحب الجمال) فكان عرق النبي صلى الله عليه وسلم أطيب من ريح المسك؛ لأنه كان يكره أن تشم منه رائحة خبيثة، روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندنا -يعني: نام عندنا وقت القيلولة- فعرق النبي عليه الصلاة والسلام، فجاءت أم سليم رضوان الله عليها بقارورة، وجعلت تسلت العرق في القارورة، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: يا أم سليم ! ما هذا الذي تصنعين؟! قالت: يا رسول الله! عرقك نجعله في طيبنا، هو أطيب طيبنا) يعني: أطيب الطيب عرقك! فهي فعلت ذلك لأجل أن تدهن وتطيب بعرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد روى الإمام مسلم أيضاً عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خدي، فوجدت ليده برداً ورائحة، كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) وكان سيدنا جابر شاباً صغيراً، فمن السنة إذا لقيت طفلاً صغيراً أن تمسح رأسه وتلاعبه، قوله: (كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) يعني: كأنه أخرج يده من وعاءٍ فيه طيب. وهذا ابن عباس بات عند خالته ميمونة ذات ليلة؛ لينظر إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، فتظاهر ابن عباس بالنوم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قام وتوضأ وصلى، فقام ابن عباس وتوضأ وصلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وجعله عن يمينه، فلما أوقفه عن يمينه قام ابن عباس ورجع للوراء، فبعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إيه يا ابن عباس ! ما لي أجعلك بإزائي فتخنس؟! فقال له: يا رسول الله! لا يجوز لأحد أن يقف بإزائك وأنت رسول الله)، يعين: كيف أقف بجانبك وأنت رسول الله؟! فـابن عباس مع صغر سنه يصنع هذا الصنيع! فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن مد يده إلى أذن ابن عباس وفركها فركاً يسيراً ودعا له، ففي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم فقه في الدين) وعند أحمد : (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل) وفي رواية أخرى يقول ابن عباس : (فضمني النبي إلى صدره وقال: اللهم علمه التأويل) فاستجاب الله لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك عندما وضع النبي صلى الله عليه وسلم على صدر الشاب الذي استأذنه في الزنا فأحس الشاب ببرد كفه صلى الله عليه وآله وسلم على صدره. وفي الصحيحين من حديث أنس قال رضوان الله عليه: (ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم). وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة قال الناس: لقد مر اليوم من هاهنا رسول الله)، ولم يكن ذلك إلا لـمصعب بن عمير قبل أن يسلم بمكة، فما بالك بأستاذ مصعب صلى الله عليه وسلم، كان مصعب زهرة شباب قريش، وسيد الفتيان في مكة، وكان يضع على بدنه وثيابه أرقى أنواع العطور، فلما كان يمشي في طريق يقولون: مر من هذا الطريق مصعب بن عمير . فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا مشى في طريق من طرق المدينة، عُلِمَ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مر من هذه الطريق؛ وذلك لما يجدونه في الطريق من رائحة طيبة.
أعلى الصفحة
صفة لحيته وعنقه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، أي: ذا وفرة، وكانت لحيته تملأ صدره صلى الله عليه وآله وسلم، فهيا أيها المحب لحبيبك المصطفى قلده في كل شيء دون خوف من أحد، ورزقك على الله، وأجلك بيد الله، والأمر كله بيد الله جل وعلا، لا تظن أن إعفاءك للحية سيعوق تحركك في الدعوة لدين الله عز وجل، لا والله، لو كان الأمر كذلك لما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم في وقت كان أحوج فيه إلى أن يدعو الناس لدين الله عز وجل، فلا تتنازل أبداً عن أمر من أمور هذا الدين، ونحن لا نقسم الدين إلى قشور ولباب، ولكنني أتفق تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات في أمر الدعوة إلى الله عز وجل، إذ إنه لا يجوز لك أبداً أن تمر على أناس جلسوا يشربون الخمر، فإذا ما قاموا بين يديك ووجدت ثوب أحدهم طويلاً يجرجره على الأرض، فهنا ليس من الفقه أن تقول له: يا أخي! ثوبك طويل قصر الثوب؛ لأن إطالة الثياب حرام، لكن وهو يشرب الخمر الواجب أن تحذره من شرب الخمر، وتبين له حرمته؛ لأنها أعظم، وهذا اسمه: فقه الأولويات. كذلك إذا رأيت علبة سجائر مع شخص وكأس خمر، فليس من الفقه أن تقول: يا أخي! الدخان حرام، بل تبدأ بنهيه عن شرب الخمر أولاً. فأنا مقتنع تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات، ولكنني أود أن أقول: شتان بين فقه الأولويات، وبين التحقير والسخرية من الفرعيات والفقهيات! فإن الذي جاء بالكل هو الذي جاء بالجزء صلى الله عليه وآله وسلم. إذاً: يا أحباب! النبي صلى الله عليه وسلم كانت له لحية كبيرة تملأ صدره، فما عليك إلا أن تتوكل على الله ولا تخف، وأطلق لحيتك ولا تحتج بأي شيء، وكن على يقين بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك. وكذلك لو أكرمك الله بابن ملتزم وأطلق اللحية، فاترك الخوف عليه، ولا تقف حجر عثرة أمامه، لا تكن حجر عثرة في طريق التزام ولدك، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاتباع بكل صوره وأشكاله، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أما عنق النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان عنقه كإبريق فضة من شدة البياض صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
صفة حاجبيه صلى الله عليه وسلم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان طويل الحاجبين من غير التقاء، يعني: أن حاجبي النبي صلى الله عليه وسلم كانا غير ملتقيين، أي: كان هناك فراغ بينهما، فمن كان حاجباه هكذا فليحمد الله. وكان بين حاجبيه عرق، وهذا العرق كان يظهر إذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
صفة أنفه صلى الله عليه وسلم
لقد زكى الله سبحانه وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم تزكية كاملة، ظاهراً وباطناً: زكى باطنه وطهره من الشرك والكفر، وزكى ظاهره فجعله في أبهى صورة وأجملها. وقد وصف الصحابة لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفصلوا وأجملوا في وصفه، فوصفوا وجهه وأنفه وجبينه وحاجبيه وعرقه وصدره وعنقه وبطنه وكفه ورجله، حتى مشيته وهيئة جلوسه ووقوفه.
تزكية الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن اهتدى بهداه، واستن بسننه، واقتفى أثره إلى يوم الدين. أما بعد: فحياكم الله جميعاً أيها الأحبة الكرام! وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم من الجنة منزلاً، وأسأل الله جل وعلا أن يجمعني وإياكم في هذه الدنيا دائماً وأبداً على طاعته، وفى الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته، ودار كرامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه. أحبتي في الله! إننا في هذه الليلة على موعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما أحلى أن يكون اللقاء معه! وما أجمل أن تكون الكلمات عنه! ورب الكعبة مهما أوتيتُ من فصاحة البيان وبلاغة الأسلوب والتبيان، فلن أستطيع أن أوفي الحبيب قدره، كيف لا وهو حبيب الرحيم الرحمن؟! وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ [القصص:68]. فلقد خلق الله الخلق واصطفى من الخلق الأنبياء، واصطفى من الأنبياء الرسل، واصطفى من الرسل أولي العزم الخمسة، واصطفى من أولي العزم الخمسة إبراهيم ومحمداً، واصطفى محمداً على جميع خلقه. زكاه ربه، ومن زكَّاه ربه فلا يجوز لأحد من أهل الأرض قاطبةً أن يظن أنه يأتي في يوم من الأيام ليزكيه، بل إن أي أحد وقف ليزكي رسول الله، وليصف رسول الله، وليتكلم عن قدر رسول الله، فإنما يرفع من قدر نفسه، ومن قدر السامعين بحديثه عن الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم. زكَّاه ربه في كل شيء: زكَّاه في عقله فقال جل وعلا: مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:2]، وزكَّاه في بصره فقال جل وعلا: مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى [النجم:17]، وزكَّاه في صدره فقال جل وعلا: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ [الشرح:1]، وزكَّاه في ذكره فقال جل وعلا: وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ [الشرح:4]، وزكَّاه في طهره فقال جل وعلا: وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ [الشرح:2]، وزكَّاه في صدقه فقال جل وعلا: وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى [النجم:3]، وزكَّاه في علمه فقال جل وعلا: عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:5]، وزكَّاه في حلمه فقال جل وعلا: بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [التوبة:128]، وزكَّاه في خلقه كله فقال جل وعلا: وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ [القلم:4] صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الله أكبر! ومما زادني فـخراً وتيهاً وكدت بأخمصي أطأ الثريا دخولي تحت قولك يا عبادي وأن أرسـلت أحمد لي نبياً من أنا؟! ومن أنت؟! لنتشرف بأن يكون حبيبنا ونبينا ورسولنا هو ابن عبد الله المصطفى صلى الله عليه وسلم. ......
أهمية معرفة شمائله صلى الله عليه وسلم
أيها الأحبة! هذا الحبيب يحلو لكل مسلم محب أن يتذكره، وأن يتصوره، وأن يتخيله، وأن يعيش بقلبه مع هذا الحبيب، ليعرف كيف كانت حياته؟ كيف كان وجهه؟ كيف كان شعره؟ كيف كانت لحيته؟ كيف كان صدره؟ كيف كانت يده؟ كيف كانت قدمه؟ كيف كانت مشيته؟ كيف كانت نومته؟ كيف كان طعامه؟ كيف كان شرابه؟ كيف كان أكله؟ كيف كان ذكره؟ كيف كان الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم؟ ولم لا؟! وقد أمرنا الله جل وعلا أن نقتفي أثره، وأن نسير على دربه، وأن نقلده في كل شيء، قال جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]. أنت مأمور أيها المسلم الموحد! أن تسير على دربه، وأن تقتفي أثره، وأن تتبع سنته، تعرف كيف كان يأكل لتأكل مثله، وكيف كان يجلس لتجلس مثله، وكيف كان ينام لتنام على هيئته، وكيف كان يتكلم لتتكلم على طريقته، وكيف كان يمشي لتمشي على طريقته، فهو حبيبك وقدوتك وأسوتك، ولن تصل إلى الله جل وعلا إلا من طريقه، ومن الباب الذي دلك عليه الحبيب صلى الله عليه وآله وسلم. إن رسول الله -أيها الأحبة- بشر: قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ [الكهف:110]، ولكنه لم يكن بشراً عادياً. فمبلغ العلم فيه أنه بشر ولكنه خير خلق الله كلهم قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ [الكهف:110]، وهذه هي التي رفعت قدره، وأعلت شأنه، ورفعت مكانته عند الله جل وعلا وعند الخلق، ولن تنال رفقته في الجنة وشفاعته يوم القيامة إلا إن اتبعت سنته، وسرت على طريقته، واقتفيت أثره: قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [آل عمران:31]. رسول الله لم يكن بشراً عادياً أيها الأحبة؛ لأنه شرف بالوحي الذي أنزله الله عليه. ألم تعلم أخي الحبيب! أنه قد ثبت في الصحيحين من حديث جابر : (أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا نام تنام عينه ولا ينام قلبه) : (جاءت ملائكة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم، فقال بعضهم: إن لصاحبكم هذا مثلاً فاضربوا له مثلاً: فقال بعضهم: إنه نائم، وقال بعضهم: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقال بعضهم: مثله كمثل رجل بنى داراً، وجعل فيها مأدُبةً، وبعث داعياً، فمن أجاب الداعي دخل الدار وأكل من المأدبة، ومن لم يجب الداعي لم يدخل الدار ولم يأكل من المأدبة، فقال بعضهم: أوِّلوها له يفقهها -فسروا له الرؤيا هذه- فقال بعضهم: إنه نائم، وقال البعض: إن العين نائمة والقلب يقظان، فقالوا: الدار هي الجنة، والداعي هو محمد فمن أجاب محمداً دخل الجنة، ومن لم يجب محمداً لم يدخل الجنة، ومحمد فرَّق بين الناس). فمن آمن بالحبيب، وسار على درب الحبيب، واتبع سنة الحبيب، نال شفاعة الحبيب يوم القيامة، ونال رفقته وصحبته في الجنة، ومن خالف هدي الحبيب لم ينل الشفاعة، وحُرِمَ من هذه الرِّفعة وتلك الصُّحبة. أسأل الله جل وعلا أن يمتعنا وإياكم بصحبته بحبنا له، إنه ولى ذلك والقادر عليه. ......
صفات النبي صلى الله عليه وسلم الخلقية
في هذه الليلة نعيش مع النبي عليه الصلاة والسلام، وقد يقول قائل: كيف ستصف لنا النبي صلى الله عليه وسلم، والذي يصف النبي لابد أن يكون صحابياً عاش مع النبي، ونظر إلى النبي، وكلم النبي، وسمع النبي صلى الله عليه وسلم؟ وأقول: قد نقلت إلينا سنة الحبيب ونقلت إلينا أوصاف الحبيب، فكما نقل لنا الصحابة سنته وأحاديثه الشريفة، فإنه نقل إلينا بعضهم وصفه صلى الله عليه وسلم. ......
صفة صدره صلى الله عليه وسلم وعضلاته
كان النبي صلى الله عليه وسلم عريض الصدر، وهذا يدل على الفتوة والقوة، وكان له في صدره شعرات، وكان الشعر نازلاً ممتداً حتى السرة، يعني: كان الشعر كالقضيب من الصدر حتى السرة، وكان مشدود العضلات، فإذا كان في أرض المعركة، وصمتت الألسنة الطويلة، وخطبت السيوف والرماح على منابر الرقاب، وفي ساحة الوغى، كان الحبيب المصطفى يرفع صوته وينادي في وسط المعركة ويقول: (أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب) وهذا علي بن أبي طالب فارس الفرسان، وقائد القواد، رضوان الله عليه، الذي قال له النبي يوم خيبر: (سأعطي الراية غداً رجلاً يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) علي رضوان الله عليه كان يفخر ويقول: محمد النبي أخي وصهري وحمزة سيد الشهداء عمي وجعفر الذي يمسي ويضحي يطير مع الملائكة ابن أمي وبنت محمد سكني وزوجي منوط لحمها بدمي ولحمي وسبطا أحمد ولداي منها فأيكم له سهم كسهمي فـعلي فارس الفرسان وهو الذي فتح الله على يديه حصون خيبر كان يقول رضي الله عنه: (كنا إذا حمي الوطيس، واشتدت المعركة، اتقينا برسول الله) أي: كنا نحتمي برسول الله صلى الله عليه، فكان الحبيب مشدود العضلات قوياً، إذا دخل في أرض المعركة وميادين النزال، كان الصحابة رضوان الله عليهم يتقون به من شدة الضربات، وأنتم تعلمون ماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين، وماذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، وماذا فعل النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم بدر.
أعلى الصفحة
صفة مشيه صلى الله عليه وسلم والتفاته
كان صلى الله عليه وآله وسلم إذا مشى كأنما ينحط من صبب يعني: كأنه حجر كبير نازل من فوق، وكان إذا التفت التفت جميعاً يعني: كان لا ينظر من طرف بل كان يلتف كله، وهذه من علامات التواضع، فأنت إذا نادى عليك أحد فلا تنظر من طرف، (ثاني عطفه) لا، بل التفت بكليتك على من يناديك كما كان يفعل الحبيب صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وآله وسلم، ومن تواضع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه كان يأتي الصحابي ويركبه وراءه على حمار واحد، تواضع ما بعده تواضع، تجد الواحد في عصرنا وفي زمننا راكب عربية أو طيارة وهو راكب في الكرسي الخلفي لوحده، ويستعظم أن يركب معه شخص آخر! وهذا حمار يركبه النبي صلى الله عليه وسلم ويردف وراءه الفضل بن العباس ، وكذلك عبد الله بن عباس، ومعاذ بن جبل يقول: (كنت رديف النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوماً ليس بيني وبينه إلا مؤخرة الرحل). وكان صلى الله عليه وسلم يخفض طرفه، يعني: كان نظره إلى الأرض أكثر من نظره إلى السماء، انظر إلى تواضعه صلى الله عليه وسلم!. فأنت أيها المسلم! انتبه لا تتعال ولا تتبختر، كن متواضعاً، كن ذليلاً لله، اللهم ارزقنا الذل لك، كن منكسراً لله حتى يرفعك الله؛ لأنه من تواضع لله رفعه، فإذا منّ الله عليك بمال فتواضع كثيراً، وإذا من عليك بعلم فانكسر واخضع له سبحانه، وإذا من عليك بحب في قلوب العباد فقل: يا رب سلم سلم، يا رب أحسن الخاتمة، احذر الغرور بالنفس، فالنفس أمارة بالسوء كما قال الله: إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف:53] اجعلها دائماً ذليلة لله، كلما تحدثك بأمر فيه خطر فقل لها: لا، فلا غرور، لا عجب، لا كبر، ولا تمتن على الناس، يقول الله عز وجل: يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلإِيمَانِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ [الحجرات:17]، كَذَلِكَ كُنتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا [النساء:94].
أعلى الصفحة
صفة عرقه صلى الله عليه وسلم ورائحته
أخرج الإمام أحمد والبيهقي عن علي بن أبي طالب قال: (كان العرق في وجهه صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ)، وكذلك عندما كان الوحي ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم كان شديداً، ففي مرة من المرات نزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم وركبة النبي صلى الله عليه وسلم على ركبة أحد الصحابة، فقال ذلك الصحابي: (أحسست أن جبلاً نزل علي من ثقل ما يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكذلك في اليوم شديد البرودة عندما ينزل الوحي ترى العرق يتناثر على وجه النبي صلى الله عليه وسلم كحبات اللؤلؤ، وهذا مع شدة البرد! أما ريح عرقه صلى الله عليه وسلم فقد كان أطيب من ريح المسك، فعلى المسلم أن يكون حريصاً على نظافة ثوبه، وجمال لحيته، وترجيل شعره، وطيب رائحة بدنه، فأنت بهذا تقتدي بالحبيب صلى الله عليه وسلم، النبي عليه الصلاة والسلام لم يكن يخرج إلى الناس إلا بعد أن يتجمل ويتزين ويتطيب عليه الصلاة والسلام، وينظر في المرآة ويسرح شعر اللحية، وكان إذا سافر أخذ معه السواك والمرآة والمشط والمكحلة، ويقول عليه الصلاة والسلام: (من كان له شعر فليكرمه) انظر! الإسلام دين جمال! ليس ديناً مهملاً للنظافة، فيا أخي! كن جميل المنظر، طيب الرائحة دائماً، فالنبي عليه الصلاة والسلام كان جميلاً في كل شيء، ولما سئل قال: (إن الله جميل يحب الجمال) فكان عرق النبي صلى الله عليه وسلم أطيب من ريح المسك؛ لأنه كان يكره أن تشم منه رائحة خبيثة، روى الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: (دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عندنا -يعني: نام عندنا وقت القيلولة- فعرق النبي عليه الصلاة والسلام، فجاءت أم سليم رضوان الله عليها بقارورة، وجعلت تسلت العرق في القارورة، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم وقال لها: يا أم سليم ! ما هذا الذي تصنعين؟! قالت: يا رسول الله! عرقك نجعله في طيبنا، هو أطيب طيبنا) يعني: أطيب الطيب عرقك! فهي فعلت ذلك لأجل أن تدهن وتطيب بعرق النبي صلى الله عليه وآله وسلم. ولقد روى الإمام مسلم أيضاً عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: (مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على خدي، فوجدت ليده برداً ورائحة، كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) وكان سيدنا جابر شاباً صغيراً، فمن السنة إذا لقيت طفلاً صغيراً أن تمسح رأسه وتلاعبه، قوله: (كأنما أخرج يده من جؤنة عطار) يعني: كأنه أخرج يده من وعاءٍ فيه طيب. وهذا ابن عباس بات عند خالته ميمونة ذات ليلة؛ لينظر إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل، فتظاهر ابن عباس بالنوم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم قام وتوضأ وصلى، فقام ابن عباس وتوضأ وصلى خلف النبي عليه الصلاة والسلام، فقام النبي صلى الله عليه وسلم وجعله عن يمينه، فلما أوقفه عن يمينه قام ابن عباس ورجع للوراء، فبعد أن انتهى النبي صلى الله عليه وسلم قال له: (إيه يا ابن عباس ! ما لي أجعلك بإزائي فتخنس؟! فقال له: يا رسول الله! لا يجوز لأحد أن يقف بإزائك وأنت رسول الله)، يعين: كيف أقف بجانبك وأنت رسول الله؟! فـابن عباس مع صغر سنه يصنع هذا الصنيع! فما كان من النبي صلى الله عليه وسلم إلا أن مد يده إلى أذن ابن عباس وفركها فركاً يسيراً ودعا له، ففي رواية البخاري قال صلى الله عليه وسلم: (اللهم فقه في الدين) وعند أحمد : (اللهم فقه في الدين وعلمه التأويل) وفي رواية أخرى يقول ابن عباس : (فضمني النبي إلى صدره وقال: اللهم علمه التأويل) فاستجاب الله لحبيبه صلى الله عليه وآله وسلم. وكذلك عندما وضع النبي صلى الله عليه وسلم على صدر الشاب الذي استأذنه في الزنا فأحس الشاب ببرد كفه صلى الله عليه وآله وسلم على صدره. وفي الصحيحين من حديث أنس قال رضوان الله عليه: (ما مسست حريراً ولا ديباجاً ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا شممت مسكاً ولا عنبراً أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم). وعن أنس رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر في طريق من طرق المدينة قال الناس: لقد مر اليوم من هاهنا رسول الله)، ولم يكن ذلك إلا لـمصعب بن عمير قبل أن يسلم بمكة، فما بالك بأستاذ مصعب صلى الله عليه وسلم، كان مصعب زهرة شباب قريش، وسيد الفتيان في مكة، وكان يضع على بدنه وثيابه أرقى أنواع العطور، فلما كان يمشي في طريق يقولون: مر من هذا الطريق مصعب بن عمير . فكان النبي عليه الصلاة والسلام إذا مشى في طريق من طرق المدينة، عُلِمَ أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مر من هذه الطريق؛ وذلك لما يجدونه في الطريق من رائحة طيبة.
أعلى الصفحة
صفة لحيته وعنقه صلى الله عليه وسلم
كان صلى الله عليه وسلم كث اللحية، أي: ذا وفرة، وكانت لحيته تملأ صدره صلى الله عليه وآله وسلم، فهيا أيها المحب لحبيبك المصطفى قلده في كل شيء دون خوف من أحد، ورزقك على الله، وأجلك بيد الله، والأمر كله بيد الله جل وعلا، لا تظن أن إعفاءك للحية سيعوق تحركك في الدعوة لدين الله عز وجل، لا والله، لو كان الأمر كذلك لما فعله المصطفى صلى الله عليه وسلم في وقت كان أحوج فيه إلى أن يدعو الناس لدين الله عز وجل، فلا تتنازل أبداً عن أمر من أمور هذا الدين، ونحن لا نقسم الدين إلى قشور ولباب، ولكنني أتفق تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات في أمر الدعوة إلى الله عز وجل، إذ إنه لا يجوز لك أبداً أن تمر على أناس جلسوا يشربون الخمر، فإذا ما قاموا بين يديك ووجدت ثوب أحدهم طويلاً يجرجره على الأرض، فهنا ليس من الفقه أن تقول له: يا أخي! ثوبك طويل قصر الثوب؛ لأن إطالة الثياب حرام، لكن وهو يشرب الخمر الواجب أن تحذره من شرب الخمر، وتبين له حرمته؛ لأنها أعظم، وهذا اسمه: فقه الأولويات. كذلك إذا رأيت علبة سجائر مع شخص وكأس خمر، فليس من الفقه أن تقول: يا أخي! الدخان حرام، بل تبدأ بنهيه عن شرب الخمر أولاً. فأنا مقتنع تماماً مع أحبابي وإخواني الذين يقولون بفقه الأولويات، ولكنني أود أن أقول: شتان بين فقه الأولويات، وبين التحقير والسخرية من الفرعيات والفقهيات! فإن الذي جاء بالكل هو الذي جاء بالجزء صلى الله عليه وآله وسلم. إذاً: يا أحباب! النبي صلى الله عليه وسلم كانت له لحية كبيرة تملأ صدره، فما عليك إلا أن تتوكل على الله ولا تخف، وأطلق لحيتك ولا تحتج بأي شيء، وكن على يقين بأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأن ما أصابك لم يكن ليخطئك. وكذلك لو أكرمك الله بابن ملتزم وأطلق اللحية، فاترك الخوف عليه، ولا تقف حجر عثرة أمامه، لا تكن حجر عثرة في طريق التزام ولدك، وأسأل الله أن يرزقنا وإياكم الاتباع بكل صوره وأشكاله، إنه ولي ذلك والقادر عليه. أما عنق النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان عنقه كإبريق فضة من شدة البياض صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
صفة حاجبيه صلى الله عليه وسلم
النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان طويل الحاجبين من غير التقاء، يعني: أن حاجبي النبي صلى الله عليه وسلم كانا غير ملتقيين، أي: كان هناك فراغ بينهما، فمن كان حاجباه هكذا فليحمد الله. وكان بين حاجبيه عرق، وهذا العرق كان يظهر إذا غضب النبي صلى الله عليه وسلم.
أعلى الصفحة
صفة أنفه صلى الله عليه وسلم
- بهيةعضو بارز
- الجنس :
عدد الرسائل : 1138
العمر : 52
مقر الإقامة : وسط المدينة تينركوك ولاية ادرار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
التقييم : 69
نقاط : 2069
رد: وصف النبي صلى الله عليه وسلم
الإثنين مايو 04, 2009 2:30 pm
شكرا على هذه المساهمات النييرة التى تساهم فى تنوير عقول
الشباب المسلم .باراك الله فى ماتقومون به فى نشر الثقافة الاسلامية
الشباب المسلم .باراك الله فى ماتقومون به فى نشر الثقافة الاسلامية
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى