توازن البيئة ضرورة كونية
الأربعاء ديسمبر 24, 2008 3:42 pm
[img(306px,219px):f06e]http://alwaei.com/admin/topics/data/photos_and_files/volcano-01-g[1].jpg[/img:f06e] يقول الحق عز وجل: {وخلق كل شيء فقدره تقديرا} (الفرقان: 2). ويقول: {إنا كل شيء خلقناه بقدر} (القمر: 49). وتعني هاتان الآيتان الكريمتان ان البيئة الطبيعية في حالتها العادية دون تدخل مدمر ومخرب من جانب الانسان تكون متوازنة ..
يؤكد ذلك قوله تعالى: {والارض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون} (الحجر: 19). وتعني هذه الآية الكريمة ان الجبال الرواسي تحافظ على توازن الارض، كما ان الله خلق من الارض كل شيء بقدر معلوم، فالنبات يخرج ليسد احتياجات الكائنات الحية التي تتغذى عليه، واعداد انواع النباتات بالكم الذي لا يخل بالتوازن البيئي.
ومن ثم يمكننا ان نقول: ان مفهوم التوازن البيئي ­ ذلك المفهوم الذي يكتشف في العلم الحديث ­ يعني بقاء عناصر او مكونات البيئة الطبيعية على حالتها، كما خلقها الله تعالى، دون تغيير جوهري يذكر، فإذا حدث اي نقص او تغيير جوهري ­ بسبب سلوك الانسان وسوء استخدامه ـ في اي عنصر من عناصر البيئة اضطرب توازنها بحيث تصبح غير قادرة على اعالة الحياة بشكل عادي.
ولعل اكبر مؤثر في البيئة هو الانسان، وقد بدأ الانسان يغير في البيئة تغييرا كبيرا ويخل بالتوازن البيئي اخلالا شديدا منذ ان بدأ ثورته الزراعية، وكان لسوء استعمال الارض ايضا نتائج عديدة اقلها تطاير غطاء التربة الناعم بالرياح وتعرية ما تحت الغطاء من تربة، ومع تزايد عدد السكان ونتيجة لاستعمال الناس للآلات والاجهزة التكنولوجية المختلفة تزايد تدخل الانسان في توازن البيئة، واخذت التغييرات التي نتجت عن تدخله تتوالى وتتضخم.
وكانت هذه الآثار نوعين رئيسيين: الاول يتمثل في اختلال توازن البيئة نتيجة انقاص مكون او اكثر من مكونات عناصر البيئة، والثاني يتمثل في احداث هذا الخلل نتيجة تلويث البيئة بمواد غريبة عنها او مغايرة في تركيزها لما اعتادت الحياة في تلك البيئة، بحيث يؤدي هذا التلويث الى اضرار بها وافساد لتفاعل مقوماتها وعناصرها الحية والطبيعية، وقد اخذت المشكلة تبرز بشكل حاد في العصر الحاضر، كما زاد في حدتها تزايدها المستمر المتفاقم مما هدد بإيصالها الى حجم الكارثة اذا لم يقم الانسان بعمل جماعي لإيجاد حلول لها، والشريعة الإسلامية تمنع المسلم ان يكون مصدر ضرر للبيئة، بأن يكون سلوكه خاليا من عناصر الضرر للناس «اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» (سنن أبي داود) ويقول الله سبحانه وتعالى: {ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها} (الأعراف: 56).
ومن ثم يمكننا ان نقول: ان مفهوم التوازن البيئي ­ ذلك المفهوم الذي يكتشف في العلم الحديث ­ يعني بقاء عناصر او مكونات البيئة الطبيعية على حالتها، كما خلقها الله تعالى، دون تغيير جوهري يذكر، فإذا حدث اي نقص او تغيير جوهري ­ بسبب سلوك الانسان وسوء استخدامه ـ في اي عنصر من عناصر البيئة اضطرب توازنها بحيث تصبح غير قادرة على اعالة الحياة بشكل عادي.
ولعل اكبر مؤثر في البيئة هو الانسان، وقد بدأ الانسان يغير في البيئة تغييرا كبيرا ويخل بالتوازن البيئي اخلالا شديدا منذ ان بدأ ثورته الزراعية، وكان لسوء استعمال الارض ايضا نتائج عديدة اقلها تطاير غطاء التربة الناعم بالرياح وتعرية ما تحت الغطاء من تربة، ومع تزايد عدد السكان ونتيجة لاستعمال الناس للآلات والاجهزة التكنولوجية المختلفة تزايد تدخل الانسان في توازن البيئة، واخذت التغييرات التي نتجت عن تدخله تتوالى وتتضخم.
وكانت هذه الآثار نوعين رئيسيين: الاول يتمثل في اختلال توازن البيئة نتيجة انقاص مكون او اكثر من مكونات عناصر البيئة، والثاني يتمثل في احداث هذا الخلل نتيجة تلويث البيئة بمواد غريبة عنها او مغايرة في تركيزها لما اعتادت الحياة في تلك البيئة، بحيث يؤدي هذا التلويث الى اضرار بها وافساد لتفاعل مقوماتها وعناصرها الحية والطبيعية، وقد اخذت المشكلة تبرز بشكل حاد في العصر الحاضر، كما زاد في حدتها تزايدها المستمر المتفاقم مما هدد بإيصالها الى حجم الكارثة اذا لم يقم الانسان بعمل جماعي لإيجاد حلول لها، والشريعة الإسلامية تمنع المسلم ان يكون مصدر ضرر للبيئة، بأن يكون سلوكه خاليا من عناصر الضرر للناس «اتقوا الملاعن الثلاث البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل» (سنن أبي داود) ويقول الله سبحانه وتعالى: {ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها} (الأعراف: 56).
حماته من الفسا:د
وحماية الحضارة من الافساد، في الاسلام، لها مظاهر ثلاثة يتدرج فيها كل فرد حسب همته: المظهر الأول: يتحقق بشعور الارتباط النفسي بالجماعة، فمن خصائص الاسلام ادخال الدين في حياة المجتمع لصياغة الانسان المسلم صياغة تمتزج فيها الدنيا بالدين، والمظهر العلمي لهذه الصياغة هو انتقاله من الشعور الفردي الى الارتباط العضوي بالمسلمين ليبادلهم الشعور بالحقوق والواجبات، فشعور المسلم بالجماعة واهتمامه بأمورها، شرط لانتمائه الى جماعة المسلمين، ففي الحديث الشريف «لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه» (رواه البخاري).
وهذا التمني وان كان امرا نفسيا لا يتجاوز مرحلة الشعور الى مرحلة العمل، الا انه يحول دون ان يكون المسلم سببا في ايذاء غيره بعمله او لسانه، «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (رواه البخاري).
المظهر الثاني: هو الامتناع عن الاضرار بالمجتمع، وهذا نتيجة طبيعية لشعوره بالارتباط بالجماعة، الذي يعتبر تطبيقا عمليا لإسلامه، والا كان مسلما بلسانه، ولم يصل الايمان الى قلبه.
اما المظهر الثالث: يتخطى الموقف السلبي الى موقف ايجابي، فالمسلم هنا لا يكتفي بأن يتمنى الخير وزوال الشر، وان يمتنع عن الافساد والاذى، بل يتقدم خطوة اسمى، وفي ذلك تخلص من الانانية، وشعور بالمسؤولية نحو المجتمع، وهذه المسؤولية تنبع عن اقتناعه بارتباطه العضوي بالمجتمع وتأثره بما يصيبه خيرا او شرا.
ومثل هذا المسلم وصفه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأنه القائم على حدود الله «مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا سفينة، فصار بعضهم اعلاها، وبعضهم اسفلها، فكان الذين في اسفلها اذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو انا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما ارادوا، هلكوا جميعا، وان اخذوا على ايديهم نجوا ونجوا جميعا» (رواه البخاري).
ويعتبر هذا الحديث افضل مثل يمكن ان يضرب على تضامن الانسان مع اخيه ضد كل الاخطار التي يمكن ان تحدق بهم جميعا، خاصة ان الجميع في سفينة واحدة، وفي غرق هذه غرق السفينة لكل راكبيها، وفي هذا الحديث دعوة لكل مسلم الا يقف موقفا سلبيا من اي خطر يهدد المجتمع الاسلامي، وقد رأينا كيف يهدد التلوث الكيميائي والاشعاعي والذري كل صور الحياة على هذه الارض والماء والهواء، وكيف ينبغي ان تتضافر كل جهود البشرية لدرء هذه الاخطار التي تهدد الانسانية ليس في حاضرها فحسب بل في غدها ومستقبلها القريب والبعيد.
وقد شاءت ارادة الخالق جل وعلا ان يكون لمخلوقاته ترتيب في افضليتها، فجعل الانسان افضلها على الارض، كما فضله على كثير ممن خلق، ولم يكن استحقاق ابليس للطرد من رحمة الله بسبب انكاره الالوهية ولكن لرفضه الاقرار بأفضلية آدم التي ارادها الله له.
ومن اهم مظاهر التكريم تسخير الكون لخدمته {وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه} (الجاثية: 13) وقد حدد الحق تعالى مهمة الانسان الحضارية في هذا الكون بقوله: {هو أنشأكم واستعمركم فيها} (هود: 61) وهذا يعني ان الله قد فوض الانسان لعمارة الارض، والعمارة نقيض الخراب، وتعني تمهيد الارض وتحويلها الى حال يجعلها صالحة للانتفاع بها وبخيراتها.
واذا كان الاستعمار هو طلب العمارة، فالانسان مطلوب منه ­ طبقا للمشيئة الالهية ­ ان يجعل الارض عامرة تصلح للانتفاع بها، وان يبحث عن افضل السبل لتيسير الحياة فيها، وكشف ما في الارض من قوى وطاقات وكنوز من اجل خير البشرية جميعا، وقد اعطى الله الانسان من الاستعدادات والامكانات ما يتناسب مع ما في هذه الارض من قوى وطاقات فهناك تناسق بين القوانين الالهية التي تحكم الارض وتحكم الكون كله، والقوانين التي تحكم الانسان وما حباه الله من قوى وطاقات.
هذا التسخير للكون يلقي على الانسان تبعات ومسؤوليات جسام، حيث متعه الله تعالى بالحرية التي هي مناط المسؤولية، والمسؤولية عن هذا الكون هي مهمة الانسان الكبرى في هذا الوجود، خاصة انه متعه وشرفه بالعقل، ومن هنا فالجسد والمال والعلم والوقت هي مؤهلات الانسان، ووسائله للقيام بعمارة الارض، ولذلك على الانسان المكلف بعمارة الارض الاقبال على الدنيا لا الانعزال عنها، وتوظيفها لعبادة الله، وتسخيرها لإظهار مشيئة الله وحكمته «ان قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فإن استطاع الا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» (رواه البخاري في الادب المفرد).
ومن هنا تكون مهمة العمارة مهمة مجردة لا يشترط لها ان يستفيد منها من يقوم بها، وهي مهمة ربانية كلف الله بها الانسان، مما يعطي للعمل والاعمار في الاسلام مفهوما يتعدى ذات الافراد ويتجاوز مصالحهم الآنية الشخصية العاجلة، لأن المحصلة النهائية للنشاط الفردي المتعاون على الخير، هي اقامة مجتمع متحضر، لأن في التحضر والتمدن ازدهار للإنسانية.
الا ان العلم والتكنولوجيا الحديثة هزت اركان سلم القيم في الغرب، فأصيب العالم الغربي بدوار الاستهلاك وتجميع السلع وطلب اللهو والمتعة، وهذا شيء طبيعي بعد ان شعر الانسان في الغرب انه اصبح يتيما بعد ان اعلن نيتشه موت الإله، واعلنت البنيوية موت الانسان، فتحول الانسان الغربي المغترب عن ذاته الحقيقية الى مستهلك فتأتي البيئة المادية كفيل الامن، من خلال الوفرة والمال، في الوقت المناسب للحلول محل البيئة الروحية التي خذلته على يد مفكريه وفلاسفته الغربيين فأنكرها، ومن ثم غدا رفع مستوى المعيشة هدف الحياة والتقدم الاقتصادي كبير اصنام العصور الحديثة، لذلك نحن نرى ان المشكلة الحقيقية لا تكمن في التكنولوجيا التي يمكن ان تنشأ عنها بعض المشاكل العرضية، وانما تكمن في الفهم الانساني لنفسه ولواقعه البيئي، وترتبط كثير من مشكلاته بسلوكياته ونهجه الى مزيد من الرفاهية غير المسؤولة، هذا فضلا عن اتساع دائرة الطموح الانساني الذي لا يحسب كل نتائجه وجميع آثاره.
وهذا التمني وان كان امرا نفسيا لا يتجاوز مرحلة الشعور الى مرحلة العمل، الا انه يحول دون ان يكون المسلم سببا في ايذاء غيره بعمله او لسانه، «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (رواه البخاري).
المظهر الثاني: هو الامتناع عن الاضرار بالمجتمع، وهذا نتيجة طبيعية لشعوره بالارتباط بالجماعة، الذي يعتبر تطبيقا عمليا لإسلامه، والا كان مسلما بلسانه، ولم يصل الايمان الى قلبه.
اما المظهر الثالث: يتخطى الموقف السلبي الى موقف ايجابي، فالمسلم هنا لا يكتفي بأن يتمنى الخير وزوال الشر، وان يمتنع عن الافساد والاذى، بل يتقدم خطوة اسمى، وفي ذلك تخلص من الانانية، وشعور بالمسؤولية نحو المجتمع، وهذه المسؤولية تنبع عن اقتناعه بارتباطه العضوي بالمجتمع وتأثره بما يصيبه خيرا او شرا.
ومثل هذا المسلم وصفه الرسول (صلى الله عليه وسلم) بأنه القائم على حدود الله «مثل القائم على حدود الله، والواقع فيها، كمثل قوم استهموا سفينة، فصار بعضهم اعلاها، وبعضهم اسفلها، فكان الذين في اسفلها اذا استقوا من الماء، مروا على من فوقهم، فقالوا: لو انا خرقنا في نصيبنا خرقا، ولم نؤذ من فوقنا، فإن يتركوهم وما ارادوا، هلكوا جميعا، وان اخذوا على ايديهم نجوا ونجوا جميعا» (رواه البخاري).
ويعتبر هذا الحديث افضل مثل يمكن ان يضرب على تضامن الانسان مع اخيه ضد كل الاخطار التي يمكن ان تحدق بهم جميعا، خاصة ان الجميع في سفينة واحدة، وفي غرق هذه غرق السفينة لكل راكبيها، وفي هذا الحديث دعوة لكل مسلم الا يقف موقفا سلبيا من اي خطر يهدد المجتمع الاسلامي، وقد رأينا كيف يهدد التلوث الكيميائي والاشعاعي والذري كل صور الحياة على هذه الارض والماء والهواء، وكيف ينبغي ان تتضافر كل جهود البشرية لدرء هذه الاخطار التي تهدد الانسانية ليس في حاضرها فحسب بل في غدها ومستقبلها القريب والبعيد.
وقد شاءت ارادة الخالق جل وعلا ان يكون لمخلوقاته ترتيب في افضليتها، فجعل الانسان افضلها على الارض، كما فضله على كثير ممن خلق، ولم يكن استحقاق ابليس للطرد من رحمة الله بسبب انكاره الالوهية ولكن لرفضه الاقرار بأفضلية آدم التي ارادها الله له.
ومن اهم مظاهر التكريم تسخير الكون لخدمته {وسخر لكم ما في السموات وما في الارض جميعا منه} (الجاثية: 13) وقد حدد الحق تعالى مهمة الانسان الحضارية في هذا الكون بقوله: {هو أنشأكم واستعمركم فيها} (هود: 61) وهذا يعني ان الله قد فوض الانسان لعمارة الارض، والعمارة نقيض الخراب، وتعني تمهيد الارض وتحويلها الى حال يجعلها صالحة للانتفاع بها وبخيراتها.
واذا كان الاستعمار هو طلب العمارة، فالانسان مطلوب منه ­ طبقا للمشيئة الالهية ­ ان يجعل الارض عامرة تصلح للانتفاع بها، وان يبحث عن افضل السبل لتيسير الحياة فيها، وكشف ما في الارض من قوى وطاقات وكنوز من اجل خير البشرية جميعا، وقد اعطى الله الانسان من الاستعدادات والامكانات ما يتناسب مع ما في هذه الارض من قوى وطاقات فهناك تناسق بين القوانين الالهية التي تحكم الارض وتحكم الكون كله، والقوانين التي تحكم الانسان وما حباه الله من قوى وطاقات.
هذا التسخير للكون يلقي على الانسان تبعات ومسؤوليات جسام، حيث متعه الله تعالى بالحرية التي هي مناط المسؤولية، والمسؤولية عن هذا الكون هي مهمة الانسان الكبرى في هذا الوجود، خاصة انه متعه وشرفه بالعقل، ومن هنا فالجسد والمال والعلم والوقت هي مؤهلات الانسان، ووسائله للقيام بعمارة الارض، ولذلك على الانسان المكلف بعمارة الارض الاقبال على الدنيا لا الانعزال عنها، وتوظيفها لعبادة الله، وتسخيرها لإظهار مشيئة الله وحكمته «ان قامت الساعة وبيد احدكم فسيلة فإن استطاع الا تقوم حتى يغرسها فليغرسها» (رواه البخاري في الادب المفرد).
ومن هنا تكون مهمة العمارة مهمة مجردة لا يشترط لها ان يستفيد منها من يقوم بها، وهي مهمة ربانية كلف الله بها الانسان، مما يعطي للعمل والاعمار في الاسلام مفهوما يتعدى ذات الافراد ويتجاوز مصالحهم الآنية الشخصية العاجلة، لأن المحصلة النهائية للنشاط الفردي المتعاون على الخير، هي اقامة مجتمع متحضر، لأن في التحضر والتمدن ازدهار للإنسانية.
الا ان العلم والتكنولوجيا الحديثة هزت اركان سلم القيم في الغرب، فأصيب العالم الغربي بدوار الاستهلاك وتجميع السلع وطلب اللهو والمتعة، وهذا شيء طبيعي بعد ان شعر الانسان في الغرب انه اصبح يتيما بعد ان اعلن نيتشه موت الإله، واعلنت البنيوية موت الانسان، فتحول الانسان الغربي المغترب عن ذاته الحقيقية الى مستهلك فتأتي البيئة المادية كفيل الامن، من خلال الوفرة والمال، في الوقت المناسب للحلول محل البيئة الروحية التي خذلته على يد مفكريه وفلاسفته الغربيين فأنكرها، ومن ثم غدا رفع مستوى المعيشة هدف الحياة والتقدم الاقتصادي كبير اصنام العصور الحديثة، لذلك نحن نرى ان المشكلة الحقيقية لا تكمن في التكنولوجيا التي يمكن ان تنشأ عنها بعض المشاكل العرضية، وانما تكمن في الفهم الانساني لنفسه ولواقعه البيئي، وترتبط كثير من مشكلاته بسلوكياته ونهجه الى مزيد من الرفاهية غير المسؤولة، هذا فضلا عن اتساع دائرة الطموح الانساني الذي لا يحسب كل نتائجه وجميع آثاره.
حصاد مر:
وعلى الانسان ان يعي بعد ذلك ان اهتزاز سلم القيم في المنظومة العالمية الراهنة، يمكن ان يرد اليه كثير من اسباب هذه المشكلات، على المستوى الفردي والمستوى الجماعي، وهو ما تؤكده كثير من الوقائع ويتضح لنا بتقصي هذه الوقائع ان المسألة ليست منحصرة في نضوب موارد الارض، ولا ما تصوره آلة الاعلام الشمالي متمثلا في انفجار سكاني في الجنوب، وانما هي ببساطة حاجة العالم الى عدل اكثر واستغلال اقل، فلا يقتصر هذا البيان على اشارة للتوازن الدقيق للكون، وفي الكون توازن بين المجرات، والكواكب المختلفة وتوازن بين ما على سطح الارض وما في جوفها، وتوازن بين اليابسة والماء، وتوازن بين الكائنات المختلفة، وانما يتعداه الى توازن بين الحياة والموت، وتوازن بين الارادة البشرية والغرائز، توازن بين استخراج الموارد واستهلاكها وتوازن بين الحاجة والانتاج.
فإذا ما عمل بعض البشر افسادا في الارض واخلالا في العلاقات طمعا وجشعا واسرافا وتفريطا {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} (الروم: 41)، فالعلاج يبدأ قبل كل شيء في نفوس البشر وسلوكهم، ان الانسان هو نقطة البداية مثلما هو الهدف، وبغير الانطلاق من النقطة الصحيحة لا جدوى لحديث عن حلول للاختلال البيئي وسواه، وفي كل الاحوال {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} (يونس ـ 44) فسيطرة الانسان على قوى الطبيعة لا تكفي وحدها لبناء الحضارة، بل لابد ان ينضم الى ذلك سيطرة الانسان على نوازعه الداخلية واهوائه وشهواته منضبطة بالقيم الدينية والعقلية والاخلاقية والجمالية. وبذلك تتم عمارة الارض كما اراد الله ويكون الانسان بحق خليفة لله في الارض.
فإذا ما عمل بعض البشر افسادا في الارض واخلالا في العلاقات طمعا وجشعا واسرافا وتفريطا {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} (الروم: 41)، فالعلاج يبدأ قبل كل شيء في نفوس البشر وسلوكهم، ان الانسان هو نقطة البداية مثلما هو الهدف، وبغير الانطلاق من النقطة الصحيحة لا جدوى لحديث عن حلول للاختلال البيئي وسواه، وفي كل الاحوال {إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون} (يونس ـ 44) فسيطرة الانسان على قوى الطبيعة لا تكفي وحدها لبناء الحضارة، بل لابد ان ينضم الى ذلك سيطرة الانسان على نوازعه الداخلية واهوائه وشهواته منضبطة بالقيم الدينية والعقلية والاخلاقية والجمالية. وبذلك تتم عمارة الارض كما اراد الله ويكون الانسان بحق خليفة لله في الارض.
- بهيةعضو بارز
- الجنس :
عدد الرسائل : 1138
العمر : 52
مقر الإقامة : وسط المدينة تينركوك ولاية ادرار الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية
تاريخ التسجيل : 21/11/2008
التقييم : 69
نقاط : 2069
رد: توازن البيئة ضرورة كونية
الأربعاء يناير 21, 2009 5:32 pm
مشكووووووووووووور اخى ابراهيم
- azzi mostefaعضو جديد
- الجنس :
عدد الرسائل : 9
العمر : 55
مقر الإقامة : CEM bouamama tinerkouk adrar
تاريخ التسجيل : 07/05/2009
التقييم : 10
نقاط : 5
رد: توازن البيئة ضرورة كونية
الخميس مايو 07, 2009 9:15 pm
موضوع من مواضيع الساعة .وهو من انشغالات العالم
شكرا على الصور و الموضوع المتساير مع المطالب الدولية
شكرا على الصور و الموضوع المتساير مع المطالب الدولية
- مسعودي خولةمشرف سابق
- الجنس :
عدد الرسائل : 227
العمر : 32
مقر الإقامة : تينركوك
تاريخ التسجيل : 20/04/2009
التقييم : 25
نقاط : 341
رد: توازن البيئة ضرورة كونية
السبت مايو 09, 2009 10:25 pm
شكرا على الموضوع
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى